ساجدة

ساجدة

أسمها ساجدة بنت ليبية صغيرة وهذا كاف ليزورها الوجع وقد عبر الألم الى رأسها وتمكن من جعل حياتها قاسية في كل ساعات النهار وما يزيد من بؤسها هو الوضع الصحي في بلد أسمه ليبيا وقد صار في حال مزرٍ جدا .

الأب تسلح بالممكن وغير الممكن من اجل تخفيف الألم عن صغيرته التي بالكاد ترسم خطواتها في شوارع التراب المكتظ بالموت فالوجهة كانت تركيا وهي المتاحة في عالم اغلق نوافذه علينا بعد أن عبث بنا وكل محاولاته كانت فاشلة في تلك الوجهة وقيل له أن المانيا هي التي يمكن أن تحمل للصغيرة ساجدة أمل الشفاء بحكم ما تحتويه من نظام صحي على قدر كبير من المهارة .

عاد مكسورا الى بلده يحاول بشتى الطرق الوصول لى المانيا وكل الطرق على أبوب السفارة الالمانية لم يجد إجابة له وبات ألم الصغيرة يحاصره في كل نهار وتضيق به السبل دون حل.

في الختام قرر خوض غمار البحر القاتل عبر قوارب لا تعرف غير الموت وهو ذات البحر الذي قتل الليبي عمر حمزاوي وحول أحلامه الى هباء وصار في قوافل البشر التي يحيلها البحر كل نهار الى قوافل الموتى غير أن حظ الصغيرة كان افضل هي وأبيها المكافح والتقت بهم قوات غفر السواحل الايطالية لتنقذهم من هول بحر مسجل في سجلات المجرمين .

كلما صادفتني حادثة من تلك يعاود الوجع الاستيطان في عمقي ويعبث بي السؤال دون أن يمنحني بؤرة ضوء تسمح بمرور الإجابة  فقد تحول المواطن الليبي الى حال تلك البلدان المنكوبة التي لا يحمل فيها المواطن أي قيمة وحياته وموته يتساويان ويمر خبر موته في مرور الكرام  في ظل طوابير المصارف وانقطاع الكهرباء وعمليات الخطف التى لا تنتهى وانهيار كل أحلام البسطاء في رؤية وطن تشرق فيه شمس المحبة .

كم سيلتهم هذا البحر الابيض الكبير من أحلام العابرين والباحثين عن الحياة وكم من أرواح ستغرق فيه وتبقى تطلعاتهم مسكونة في النبض ؟

وهل ستلتهمني ذات وقت حين يكتظ بي الوجع هنا ؟

كل الأماني تسافر إليك ساجدة علها تمنحكِ صحة مفقودة عندنا …

عثمان البوسيفي

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :