بقلم :: سالم البرغوثي
دعونا أوﻻ نتفق على أن من يسقط نظاما ويقدم من أجل ذلك شهداء ونازحين ومهجرين وﻻيقيم نظاما بديلا نموذجيا يعطي مبررا لسقوط الأول فكأنه أيقظ فتنة وأباح الفوضى وعبث بالنسيج اﻻجتماعي.
وأزعم أننا فعلنا ذلك منذ تولي اﻻنتقالي مقاليد البﻻد بعد الثورة وربما سأذهب أبعد من ذلك بالقول إن اﻻنتقالي بتشكيلته وقراراته وأخطائه قد ساعد في استمرار الفوضى تحت شعار ضرورات المرحلة
فقد كان منذ البداية مستسلما للإمﻻءات الخارجية وللجماعات الضاغطة محليا التي تملك السﻻح والفكر والأيدلوجية المتطرفة والتي أعلنت عن نفسها فيما بعد أثناء اﻻنتخابات وبعدها.
ﻻنريد أن نذهب أبعد من ذلك فاجترار الماضي ﻻيفيد .لقد خسرنا الكثير وخسائرنا قصمت ظهورنا وتعويض ذلك بحاجة إلى مراجعات سياسية وإرادة قوية وتنازﻻت قاسية وجلد الذات واعتراف صريح بأننا ارتكبنا أخطاء فادحة وقاتلة وكارثية ومؤذية انتجت الكثير من العقد السياسية واﻻجتماعية واﻻقتصادية التي ﻻيمكن حلها مجتمعة مالم نفككها ونجزئها ونحاصرها كما يحاصر الكيماوي السرطان.
من المؤسف حقا أن نتحدث عن شرق البلاد وغربها وكأننا نتحدث عن جمهوريات الموز لكنها الحقيقة التي ﻻ نستطيع حجبها أو إخفاءها وهي ضرورة ومدخل للحل إذا أردنا فعﻻ فتح ثغرات في جدار الأزمة
خليفة حفتر أقنع الكثيرين بخارطته العسكرية .رجال سياسة.إعﻻميون..كتاب ..نشطاء ورأوا فيه المنقذ من الإرهاب الذي ضرب بنغازي واستباحها واستهدف بسلسلة من اﻻغتياﻻت ضباط جيش وأمنيين ونشطاء سياسيين وازدادوا يقينا بعد سيطرته على الموانئ النفطية وطرد الجظران منها وتسليمها للمؤسسة الوطنية للنفط في خطوة وصفت بالذكية لكسب ود الشارع من جهة ومغازلة المجتمع الدولي من جهة أخرى .لكن في ذات الوقت فإن المؤشرات السياسية والتي تتطلب الوقوف عندها تؤكد أن الرجل يريد الذهاب بعيدا فهاجس السلطة والتفرد بالقرارات وفرض هيمنته على الجسم التشريعي تلقي بظﻻلها على المشهد السياسي في المقابل فإنه يتوجب علينا أن نقر للرجل باستحالة إبعاده عن أي اتفاق في المرحلة المقبلة خصوصا بعد دعم الروس له في حربه على الإرهاب في بنغازي وإن كان يشوبه الحذر.
وفي الحقيقة إذا أرادت حكومة الوفاق الوطني وقف تمدد القوة العسكرية للمشير أو على الأقل تقدير إيجاد نقاط تقاطع معه ووقف تطلعاته أن تبدأ بتأسيس نواة جيش في الغرب بعد تغول المليشيات والمربعات الأمنية وازدياد عمليات الخطف وأن تقنع الشارع والمجتمع الدولي بأنها حكومة منتجة وقادرة على فرض سيطرتها وإﻻ فإن الأمر يتجه نحو تﻻشيها وذوبانها وربما إسقاطها في مرحلة مقبلة بعد تردي الأوضاع الأمنية واﻻقتصادية واﻻجتماعية وهو مايزيد من صعوبة إقناع الشارع بعدم صحة التوجهات التي يتبناها المشير
البعض يريد إزاحة حفتر عن المشهد برمته لكنه يدرك استحالة ذلك في مشهد إقليمي ودولي متداخل المصالح والتوجهات في مقابل ذلك فإن المشير يرفض الحوار مالم تخضع كل التشكيﻻت العسكرية تحت راية الجيش وهو أمر صعب ﻻ يمكن أن يتم إﻻ إذا اعترف المجتمع الدولي بالجيش الذي يقوده المشير وهو أمر غير ممكن في الظروف الحالية لعدة معطيات إقليمية ودولية
من الممكن جدا وفي أوج انتصارته العسكرية أن يسقط المشير حكومة السراج إذا تمسك بشروطه لذا يتوجب على السراج أن يتقدم خطوتين وأن يبحث عن ثغرة إقناع حفتر بقبول تشكيل قيادة مشتركة للحيش تنأى عن التدخل في الشأن السياسي تفتح للسراج قناة اتصال مع البرلمان هو في أشد الحاجة إليها
كما أن على حفتر أن يلتقط أي مبادرة للحل فقد تنقلب عليه المواقف الإقليمية خصوصا من ندول الجوار المؤثرة في القرار الليبي.