حاورها :: حمزة الحاسي
كان لقاؤنا مع عضو مجلس النواب عن مدينة درنة حدثاً استثنائياً في هذه المرحلة بالذات ، فالحرب هناك لازالت مشتعلة كما الحياة تماماً ، درنة مدينة الثقافات والأدب والطبيعة الساحرة ، والفكر الحر المنطلق ، ترفض إلا أن تكون بهية ، متحضرة ، تتحدث نائبة درنة في هذا الحوار عن مدينتها ، عن الحرب الباردة بين مكوناتها الاجتماعية ، عن احتياج المدينة لوقفة حب من مثقفي المدينة ، عن حلم الأمن المفقود ، عن الأعيان ومؤسسات المجتمع المدني وما يقع على عاتق الاثنين من الالتزام ، وعن ضرورة توحيد الصوت الوطني ، عديد الاجتماعات عقدتها شنيب مع مختلف شرائح المدينة تحدثت عنها ، لكنها أيضاً لم تنسَ الخيبة التي تعرضت لها عند زيارة مدينتها حول كل ذلك كان حوارنا التالي معها النائبة انتصار شنيب .
أرَى أنّ تَشْكِيلَ كُـتـْلَـة تَكُونُ مَصـْلـَحَـة المَدِينَة فِيهَا فَوْقَ كُلّ اعْتِبَار أمْر مُهِم لِلْغَايَة
قالت شنيب :: إلى اﻵن لم تضع الحرب أوزارها في مدينة درنة التي عانت من الحرب الفكرية النتنة والتي لم ينجُ منها أحد ولا حتى المناطق المجاورة لها ، إذ أن المدينة تعاني حالياً حرب بقاء لمكوناتها الاجتماعية مابين الصراع القبلي والجهوي الذي لم يترك قشرة الوجه ناصعة بل لوثها مما جعل المدينة في هذه المرحلة تحتاج إلى وقفة جادة من أهلها بجميع شرائحهم ومكوناتهم ابتداءً من الأعيان و المثقفين و الأدباء و الفنانين وحتى النشطاء ، المهندسون الأطباء و مؤسسات المجتمع المدني وأنديتها الرياضية وجماهيرها الوفية .
أتَـمـَنّـى أنْ يَـكُونَ لِلأعْـيَـانِ دَوْر مُشَـرّف وَأنْ يَضُمّ مَـجـْلُـسـُهُـم جَمِيعَ قَـبَـائِل المَدِينَة
وأضافت : وأرى شخصياً تشكيل تكتل أو رابطة يسمونها ما يشاؤون بشرط أن تبقى مصلحة المدينة فيها فوق كل اعتبار وأن لا تكون لديهم أي توجهات فكرية أو نبذ طرف على حساب اﻵخر وأعتقد أن درنة لا تخلو من الرواد الذين همّهم الوطن ولقد قمت في نفس السياق بثلاث زيارات للمدينة كانت تتمحور حول توفير الأمن ذلك الشيء المهم والحلم الكبير الذي فقدته المدينة طوال سبعٍ عجافٍ والذي غاب فغيّب كل ما هو جميل للزاهرة
ونوهت :: طبعاً لا ننسى دور الأعيان الذي أتمناه أن يكون مشرقا ويكون مجلسهم منسجما به جميع القبائل وهذا ما دعاني إلى الاجتماع بوزير الحكم المحلي لمحاولة رأب الصدع وتسوية أي خلاف أخشاه في المرحلة القادمة . أما اجتماعي الثاني فكان مع مؤسسات المجتمع المدني وكنت أنادي بأن يحضر الاجتماع جميع المثقفين ولأن تلك المؤسسات كانت تمر بنوبة تعثر في مفاصلها وبين أفرادها فكانت الرؤية غير واضحة بالنسبة لي فعندما أدخلت قافلة مساعدات لم أجد الثقة والمصداقية للأشخاص .بعد أن تخالطت الأوراق والشخصيات لدى تلك المؤسسات الأهلية.
اجْـتَـمَـعْـتُ بِوَزِيرِ الحُكْمِ المـَحـَلّـي ّ لِمُحَاولَة رَأبِ الصّدْعِ وتَسْوِيَة أيّ خِلَافٍ أخْشَاهُ فِي المَـرْحَـلَـةِ القَادِمَة
فكانت خلاصة هذه الاجتماعات تلوح في الأفق ببسط الأمن في درنة وبدأ يأخذ مساره الصحيح وأما اجتماعي بالأعيان فلم يأتِ جميع أعيان المدينة بل حضرَ أعيان من ضواحي المدينة “كرْسة والأثرون” الذين التمست فيهم النبل والخوف والحرص على درنة وكانوا في قمة التعاون. وأتمنى في قادم الاجتماعات أن تأتي جميع القبائل للتشاور في أي مبادرة من شأنها أن تنفع المدينة وأشارت :: النائبة انتصار شنيب أما خيبة الأمل فكانت في اجتماعي بمؤسسات المجتمع المدني عندما انسحب وقاطع بعض الأشخاص الاجتماع لأسباب أجهلها في وقتها ولكن أدركتها فيما بعد فهي لا تمت بأي صلة لبناء المدينة وإنما الغرض منها إفشال جميع الإصلاحات .. لم تأتِ زياراتي الثلاث على سبيل الظهور أو أن ألبس ثوب النائبة والإنسانة والوطنية بل كانت لديّ حزمة أهداف نبيلة لتحقيقها وكانت انطلاقتي الحقيقية هي مؤسسات المجتمع المدني بحكم تجربتي السابقة معها في مدينة بنغازي، وما فعلته تلك المؤسسات في مدينة بنغازي أقولها علنا عجزت عنه الدولة … أكرر لا شيء يفوق في هذه المرحلة سوى توحيد الصوت لأجل النهوض بالمدينة فهناك مراحل قادمة تستوجب وقفة جادة من الأهالي وبالتالي نحن نقف معهم بكل ما نملك ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ..
أعـْيـَانُ ضَـوَاحِي المَدِينَة “كَـرْسَة وَالأثَـرُون” الْـتَـمَـسْـتُ فِـيـهِـم النّـبـْلَ وَالْحِرْصَ عَـلَـى دَرْنـة
ووضحت :: فما حدث في درنة حدث في بنغازي وما حدث في بنغازي حدث في الجنوب الحبيب بكافة مدنه (الكفرة- سبها -غات -براك الشاطئ – والجفرة) وكل مدن الجنوب المتعثرة رغم أن النائبات المنتخبات عن الجنوب يحفرن في الصخر لأجل أن يقدمن شيئاً لمدنهن
هنا أقصد النائبات تحديداً لأني على مقربة منهن وأتعايش معهن جميع مآسيهن وعلى مرأى ومسمع الجميع يتعرضن لمعاملات غير إنسانية ولكن فضّلن الوطن على حساب شقائهن ، ما ينقص الجنوب الكنز الكبير أيقونة الرمال سليل التاريخ والعتاقة والحضارات ما ينقصه في نظري أكثر بكثير ما ينقص المدن الأخرى تحديدا معاناة المواطن المحروم من أبسط الاحتياجات المتعلقة بالاستهلاك اليومي مثل الماء والكهرباء وغاز الطهو ونقص السلع الأساسية والوقود والسيولة التي تغيب بالثلاثة والأربعة أشهر،ناهيك عن التجاوزات الأخرى مثل انتهاك الحدود وغياب الأمن والأمان أكدت :: نقدر كفاح كل من نطق باسم الجنوب نثمن دور الجيش الليبي في وضع خططه العسكرية التي سنجني ثمارها قريبا ونحن كمسؤولين من كافة مدن ليبيا ندعم أي مبادرة من شأنها تخفيف العبء على أهل الجنوب كما أن القوات المسلحة العربية الليبية لديها الخطط المحكمة لتأمين الجنوب هذا على الصعيد العسكري والسياسي أما على الصعيد الإنساني أتمنى أن أي قافلة مساعدات أو إغاثة خرجت من الجسم الشرعي للدولة أتمناها أن تكون وصلت في أيادي أمينة .كما أتمنى من الشعب الليبي قراءة المشهد السياسي المطروح على الساحة الليبية ليُقيّم بعينه من وراء إفشال قيام الدولة .سنجد الجسم غير الشرعي المتمثل في (مجلس الدولة)هو العائق الأكبر أمام توحيد الوطن بما في ذلك توحيد المؤسسة العسكرية المتمثلة في القيادة العامة للجيش الليبي لأن ما يسمى بمجلس الدولة خلع عباءة المؤتمر الوطني ولبس ذاك الثوب الذي ضرب عرض الحائط بجميع المبادرات والمباحثات وقضى على طموحات وآمال الشعب الليبي ..
النّائِبَاتُ المـُنْـتَـخَـبَـات عَنِ الجـَنـُوب يَحْفِرْنَ فِي الصّخْر لأجْلِ أنْ يُـقـَدّمْـنَ شَـيْـئًـا لمُدنِهِنّ .
وأضافت :: شنيب أما بخصوص مجلس النواب ليعلم القاصي والداني تركيبة أعضائه التي لم تخلُ من الإخوان والمقاتلة وبعض التكتلات الأخرى المستمدة نفسها من المؤتمر الوطني المنحل هكذا أصرح ولا أخشى في الله لومة لائم .. وبحكم أننا عادة ما نصدق كل ما ينشر عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لابد في هذه الفرصة أن نلقي باللوم على بعض وسائلنا الإعلامية التي تعتبر ركيزة أساسية في السلم والحرب أتمنى من إعلامنا أن يكون أكثر مصداقية ويكون على قدر ميثاق الشرف الإعلامي وعلى مسؤولية تامة فيما ينقل لأن الإعلام سلاح ذو حدّين فمنه يأتي السلام ومنه تأتي الحرب أتمنى من الله أن يوحد كلمتنا ويجمع شملنا ..لا أقول هذا الكلام بحجة أنني تلقيت أنا شخصيا هجمة شرسة من الإعلام لأغراض فهمتها لاحقاً ولكن تظل مصلحة الوطن فوق الجميع حتى وإن كانت انتصار شنيب ضحية هذا التكالب الإعلامي فسوف أكون على مقربة من الله أولاً ومن الوطن ثانياً لأجل أن تعود ليبيا إلى مصاف الدول وترجع هيبتها التي لربما فقدتها لأعوام كما أتمنى من بعض من لديه مصالح شخصية مع دول خارجية سواء شخوص أو أجسام سياسية أن يتقوا الله في هذا الوطن الجريح الذي أرهقته الحروب من جهة والتدخل الخارجي من جهة أخرى .
أتَمَنّى مِنْ إعْلامِنَا أنْ يَـكُـونَ أكْـثَـرَ مِصْدَاقِيّة و َيَـكُـونَ عَـلَى قَـدْرِ مِيثَاقِ الشّـرَفِ الإعْلامِيّ
ونوهت :: رأينا عبر هذه المرحلة السياسية الصعبة التي نقودها استقطاب بعض الدول لبعض الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المشهد الليبي والتي لربما أدلت بمعلومات لبعض الدول الأجنبية التي انتهكت السيادة الليبية … كما أنني فخورة جدا بالدور البارز الذي تخوضه القوات المسلحة بمحاربة الإرهاب بجميع مسمياته في بنغازي والحقول النفطية وفي درنة حاليا. درنة التي تعرضت إلى حقبتين من الاستعمار حديثا .حقبة (تنظيم الدولة الإسلامية داعش وحقبة تنظيم القاعدة) واللتان أبقتا المدينة لسنوات طوال تحت حكم جائر وانتهاج هذه المليشيات التي تدّعي الدّين والإسلام إلى سلوكيات وأفعال يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان. وترفضها كل الأعراف و الأديان من جرائم ترتقي في تصنيفها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قطع للرؤوس وخطف وتفجير وتقطيع أوصال والتنكيل بالكائن البشري . مؤكدة :: فنحن نشكر الله أولاً ونثمن عالياً جهود جنودنا البواسل الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن فنترحم على شهيدهم وندعو الله أن يعجل بالشفاء لجرحاهم وبتلك الجهود المبذولة فالحمد لله رأينا الجيش الليبي في مفاصل درنة وشوارعها وحواريها وتم تفعيل كافة الأجهزة الأمنية . وها هي رئاسة الوزراء السيد (عبدالله الثني) الذي يتواصل معنا ويبذل قصارى جهده في تذليل الصعاب وهو على استعداد تام بأن يقف وقفته الجادة لترجع درنة بحلتها وزهوها ونظارتها وفنها وإبداعها ومسرحها فعلى الشارع الدرناوي أن يلتفّ على جملة المبادرات التي تنهض بالمدينة والخروج من مغبّة التجاذبات والجهوية النكرة والوصول إلى ما فيه الخير والصلاح .
وختمت حديثها معنا : وعلينا أن نعمل ليس لأجلنا فقط ولكن كي نضمن مستقبلاً مشرقا لأجيالنا القادمة التي لربما تسألنا عن أي تقصير في حق الوطن ولكن رغم كل شيء سيرحل الجميع ويبقى الوطن فعلينا أن نقبل جميع المبادرات لإحلال السلام والعيش الكريم في أمن وأمان وهذا لا يتم إلا بتفعيل القضاء والأجهزة الأمنية والرقابية وإعادة الإعمار والرقيّ بالإنسان الذي عاش سنوات من الظلام والقهر والفقر والاهتمام بشريحة الشباب والأندية الرياضية والفن والإبداع كما لا نقصي أحداً. علينا أن نحتضن الجميع حتى أتباع النظام السابق الذين نعتبرهم شركاء في هذا الوطن ولا زالوا .(فالوطن يتسع للجميع ).. كما أترحم على شهداء الكلمة وجميع الإعلاميين وشهداء صحيفة فسانيا الذين قدموا أنفسهم عن الوطن .