تقرير : عبد المنعم الجهيمي – منى توكا
تشهد مناطق الجنوب الليبي موجة من الطقس السيء مصحوبة بأمطار غزيرة وسيول، دفعت المجلس البلدي في تهالة إلى إعلانها بلدية منكوبة، داعيًا جميع المؤسسات والمنظمات والجمعيات إلى تقديم يد العون.
وضربت الأمطار تهالا، الواقعة جنوب غرب ليبيا، وصاحبها مؤخراً سيول جارفة أدت إلى وفاة أحد المواطنين و وقوع أضرار جسيمة في البنية التحتية والممتلكات، حيث غمرت المياه أغلب المنازل بالبلدة التي تقع على بعد ستين كيلومترا شمالي مدينة غات، كما غمرت السيول مبنى المجلس البلدي والسجل المدني والمركز الصحي وعدد من الإدارات الخدمية والإدارية وسط البلدة، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ستة آلاف نسمة، ونزح أكثر من 80% من سكان تهالة إلى الأحياء الأقل تضررا، وبعضهم توجه إلى العراء في المرتفعات المحيطة بالمدينة، تزامن ذلك مع انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات، إلا أن الأخيرة عادت في صباح اليوم التالي ، تعتبر هذه السيول الأكثر قوة في السنوات الأخيرة، وجاءت نتيجة لتقلبات مناخية حادة، هذه السيول سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها المناطق الريفية في ليبيا والتي لم تطالها سياسات التنمية لكل الحكومات الليبية عبر عشرات السنين.
تسببت هذه السيول في إغراق العديد من المنازل والمحلات التجارية، مما أدى إلى نزوح بعض العائلات إلى مناطق أكثر أماناً. كما تضررت الطرق الرئيسية، مما صعب حركة المرور والإمدادات. فرق الإنقاذ المحلية تعمل على تقييم الأضرار وتقديم المساعدات للمتضررين، ولكنها قاصرة عن دعم ومساندة الجميع، فبعض العائلات فقدت منازلها ولن تستطيع العودة لها إلا بعد فترة طويلة، عدا الأسر التي فيها كبار السن وذوي الإعاقة والمصابين بالأمراض المزمنة، ناهيك عن التحديات والمشاكل البيئية والصحية الناتجة عن انتشار برك المياه في المدينة، والتي اختلطت بمياه الصرف الصحي ومخلفات الورش وغيرها من القمامة والمخلفات البشرية.
وفي حال عدم التعامل مع هذه المخلفات فإنها قد تتسبب في إحداث كارثة صحية للسكان المحليين وأيضا لفرق الإنقاذ التي تتوالى قوافلها عبر الطرق المتاحة، الأخيرة تواجه العديد من التحديات أيضا، فأجزاء كبيرة من الطريق المؤدي إلى تهالة قد انجرفت جوانبها وصار المرور عبرها مخاطرة غير محسوبة، وبالفعل فإن بعض سيارات المواطنين سقطت من على جوانب الطريق الذي انجرف وصار مكشوفا بشكل لا يساعد على الحركة عليه.
تشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار تشمل تدمير حوالي خمسين منزلاً بشكل جزئي، وتضرر البنية التحتية المتهالكة أصلا بالبلدة، بما في ذلك الطرق والجسور الصغيرة، وفقدان المحاصيل الزراعية في المنطقة بشكل كبير، مما قد يزيد من معاناة المزارعين، وقد أعرب السكان المحليون عن قلقهم من غياب الدعم الكافي من السلطات المحلية.
و دعا السكان إلى ضرورة تعزيز البنية التحتية لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية في المستقبل، مؤكدين على أهمية وضع خطط طوارئ فعالة.
بادرت الحكومة الليبية بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات إنسانية إلى المنطقة، حيث وصل نائب رئيس الحكومة إلى تهالة وغات رفقة وزير الصحة، وبدؤوا في وضع الخطط لتقديم المساعدات وإغاثة النازحين، كما تم التنسيق مع منظمات غير حكومية لتقديم الدعم العاجل للمتضررين، شملت فرق جمعية الهلال الأحمر الذين تواجدوا في المناطق المنكوبة منذ وقت مبكر، ومتطوعي مركز طب الطوارئ والدعم، ناهيك عن الجمعيات والمنظمات المحلية التي بدأت في إرسال فرقها لعين المكان.
هذه السيول وما أوجدته من كارثة إنسانية سلطت الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية في ليبيا، وخاصة في المناطق الريفية الجنوبية، فصار الوضع يتطلب تعاوناً أكبر بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لضمان تقديم الدعم اللازم للمتضررين وإعادة بناء المنطقة، والعمل على إنشاء خطة طوارئ لمواجهة الكوارث الطبيعية، وتعزيز البنية التحتية لمقاومة السيول، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين.
حذرت الهيئة الليبية للبحث العلمي من تحول الوضع إلى “مأساوي” في مدينة غات، مع تعرض المنطقة الجنوبية للسيول.
وقالت الهيئة في تقرير حول السيول التي ضربت غات ومناطق بالجنوب إن البلدية شهدت ظاهرة طبيعية شائعة في نهاية الصيف وبداية الشتاء، حيث تفيض الأودية عادةً خلال هذه الفترة.
وأضاف أن الأمور لم تخرج عن السيطرة، إذ بقي منسوب المياه في وادي إيماضريون، المتصل بوادي تانزوفت الكبير، ضمن الحدود الطبيعية.
وفق التقرير بلدية تهالا تقع على بُعد كيلومترات قليلة من سلسلة جبال أكاكوس من الشرق، وتستقبل سيول وادي تانزوفت الكبير من الجنوب، وتتعرض كذلك للسيول القادمة من وادي تاهرمت من الغرب.
وأوضحت الهيئة أن موقع تهالة يجعلها عرضة للخطر حتى في أبسط زخات المطر، خاصة القادمة من جبال أكاكوس.
في بلدية غات، تدفقت السيول القادمة من وادي إيماضربون شرق المدينة، وبدأت باجتياح منازل الشركة الصينية وحي العروبة، الذيْن يبعدان مسافة 300 م و2 كلم عن بداية مركز مدينة غات.
ونبه إلى أنه في حال زيادة حجم السيول، قد يتحول الوضع إلى مأساوي في بلدية غات المدينة.
ويذكر أن غات تنقسم من الناحية الإدارية إلى أربع بلديات رئيسية، هي: بلدية غات المدينة، وتمثل المركز، وبلدية تهالة التي تقع شمال شرق المركز بنحو ستين كيلومترا، وبلدية العوينات التي تبعد 120 كيلومترا شمال شرق غات، وبلدية البركت التي تقع في الجنوب، وهي الأكبر من حيث عدد السكان، وتبعد سبعة كيلومترات عن غات.
وقال عميد بلدية تهالة “أحمد صالح” “مشرفون على اليوم السادس منذ بداية الأمطار والسيول ونحن نعاني من هذه الكارثة، والمدينة غارقة في المياه بالكامل”.
وأكد صالح أنه “لم تتلق المدينة أي مساعدات من وزارة الصحة أو أي جهة حكومية، وقد اقتصرت المساعدات على بعض الأطباء من أوباري و غات وهيئة الأوقاف وحرس المنشآت النفطية”.
وأضاف “بلغ عدد النازحين 8 آلاف نازح يسكن بعضهم في الخيام وسط الصحراء وبعضهم الآخر ما زالوا في العراء لأننا نفتقر للخيام والفرش”.
وشدد صالح على أن المدينة بحاجة ماسة إلى أدوية لمرضى السكر وضغط الدم، فهي غير متوفرة رغم وجود العديد من النازحين الذين يعانون من هذه الأمراض.
وفي ذات السياق شهدت مدينة الكفرة شرق ليبيا بداية الأسبوع المنصرم ، هطول أمطار غزيرة مما حث الحكومتين الليبيتين على التحرك لاحتواء آثارها، وسارعت الأجهزة المحلية لمساعدة المدنيين وإجلاء بعض العائلات وسط مخاوف من هجوم العقارب.
واجتاحت المياه مستشفى ”الشهيد عطية الكاسح“ في المدينة، وألحقت أضرارًا بالعديد من المنازل، كما تسببت في قطع الكهرباء عن جميع المناطق المتضررة. ووفقًا لأجهزة الطوارئ والإسعاف التابعة لحكومة ”الوحدة الوطنية“ المؤقتة، فقد بلغ عدد الحالات التي تم إجلاؤها بعد توقف مستشفى ”عطية الكساح“ عن العمل 35 حالة تم نقلها إلى مستشفى قرية الهواري وعدة مراكز صحية في المدينة، فيما تم إجلاء 19 مواطنًا من منازلهم المتضررة.
وقال عبد الحميد الدبيبة ، رئيس حكومة ”الوحدة الوطنية“ إنه تم توجيه جميع الوزارات والجهات المختصة برفع جاهزيتها إلى أقصى درجات الاستعداد لمساعدة المواطنين وتسخير الإمكانات والمعدات اللازمة للانتقال إلى بلدية الكفرة.
وأكد أسامة حماد، ممثل الحكومة الليبية ، أنه أصدر تعليماته بتسخير كافة الإمكانيات لتجاوز الأزمة الحالية في البلدية والتركيز على سلامة المواطنين، وأبلغ سكان البلدية أن زيادة هطول الأمطار قد تتسبب في أضرار جسيمة حيث جرفت السيول العديد من المنازل ومستشفى ‘القصاع’. ودعاهم إلى الابتعاد قدر الإمكان عن مناطق جريان الوادي.
وقال عميد بلدية الكفرة، عبدالرحمن عقوب، إن الجهود مستمرة لاحتواء الوضع على الرغم من الأمطار الغزيرة التي ”لم نشهد مثلها منذ سنوات“.
وأضاف في مقابلة مع وسائل الإعلام أنه على الرغم من عدم وجود خسائر بشرية، إلا أن 40 منزلاً ”تضررت بشدة واضطر السكان إلى إخلائها“، مشيراً إلى أن المحولات والأعمدة وخطوط الكهرباء في شبكة الكهرباء في المدينة قد تضررت وانقطعت الكهرباء بالكامل. وأضاف أن جميع المرافق في الكفرة، بما في ذلك شبكة الكهرباء، كانت ‘غير مهيأة تمامًا لتقلبات الطقس والرياح والأمطار’، مضيفًا أن الفرق المحلية تحاول مسح الأضرار لإصلاحها.
وأشار إلى أن النازحين من السودان في البلدية كانوا ”أكثر الأطراف تضررًا، حيث عانوا من ظروف قاسية خلال اليومين الماضيين“. مضيفًا أنهم ”كانوا ينامون على الأرض في المزارع والمستودعات في المدينة وما حولها، ولكن بسبب الأمطار الغزيرة لم تعد هناك أماكن مناسبة لإيوائهم وتضررت أمتعتهم وأفرشتهم أيضًا. كما تعرضوا أيضاً لأضرار في أمتعتهم وفراشهم“.
ونفى الدكتور إسماعيل العيضة، رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة المعين من قبل البرلمان، إصابة أي من السكان نتيجة غمر مياه الأمطار لمنازلهم. وقال في تصريح صحفي: ”القلق الرئيسي هو استمرار انقطاع التيار الكهربائي“.
في ظل موجة الطقس السيء التي شهدتها مناطق الجنوب الليبي منذ مطلع الأسبوع المنصرم .
السيول دمرت العديد من المنازل في بلدية القطرون جنوب غرب ليبيا.
وتوقع المركز الوطني للأرصاد الجوية أن تتطور السحب الرعدية من وقت لآخر على المنطقة الجنوبية، مما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة على مناطق تشمل تشاد والمنطقة الحدودية مع النيجر وجبال الهاروج وجبال تيبستي والقطرون ومرزق وأوباري وغات.
وقال المركز الوطني للأرصاد الجوية، إن الأمطار ستسقط بمعدل كبير في بعض هذه المناطق، مما سيتسبب في جريان الأخاديد في بعض المناطق، وحث المواطنين على توخي الحذر خاصة بالقرب من الأخاديد.
وأكد عمر محمد عمورة، رئيس المجلس البلدي بالقطرون، تشكيل فريق طوارئ لتقييم الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة في البلدية الواقعة جنوب غرب ليبيا.
ووفقاً لعمورة، فقد ضربت الأمطار الغزيرة منطقة القطرون، ولكن حتى الآن لم يتم نقل أي مريض إلى مستشفى القطرون، ويقوم فريق الطوارئ الذي أرسلته البلدية حالياً بتقييم الأضرار.
ولم تسلم بلدية ربيانة من تداعيات الطقس السيء حيث انهار أكثر من 32 منزلاً جراء السيول الجارفة. وعانت البلدية من انقطاع كامل للكهرباء بسبب انهيار الشبكة، وتضرر قسم الجوازات والجنسية بشكل كبير، حيث تضررت جميع محتوياته.
كما أوضح سليمان كوري، مدير الإعلام في مستشفى ربيانة القروي أن هناك نقصاً حاداً في المستلزمات الطبية وأمصال علاج لدغات العقارب، حيث سُجلت 15 حالة للسعات العقارب خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وتم تخصيص المدارس والمساجد لإيواء المواطنين واللاجئين السودانيين