- عمر علي ابوسعدة
لم يتوقع عاقل ولا مجنون ولا أشد المتشائمين والمحبطين من أداء البرلمان الليبي العقيم طوال سنوات حُكمه ، فقد ظهر أخيراً مكتمل النصاب ليمنح الثقة لحكومة وحدة وطنية وليدة من رحم حروب وأزمات وصراعات كادت أن تعصف بهذا الوطن وأهله لمجهول ليس له قرار ، توقعنا من أعضاء البرلمان أن يدور حوار مكثف عميق تسوده روح المسئولية الوطنية حول برنامج عمل حكومة الوحدة الوطنية وشروط نيلها الثقة ، لكن للأسف الشديد ألقوا علينا قولاً ميت على شعبً حي يصارع ولم يراعوا في حوارهم مع الحكومة المنعطف التاريخي الوجودي الذي يمر به هذا البلد الطيب وانسانه البأس ولم يقدروا ما حدث لهذا الوطن من حروب وانقسام ونزيف دم واقتصاد وهول وعذابات ، فجاء محتوى حديثهم غث ضعيف اختزل في مكاسب ذاتية ضيقة ومناطقية وقبلية وجهوية فجه لقسمة المناصب والوظائف والوزارات فيما بينهم بشهية وشراهة للسلطة والمال العام لا مكان له بنفس سوية ، فقدموا مساومة رخيصة ليمنحوا حكومة الوحدة الوطنية الثقة حتى تعمل لصالح الشعب الليبي ، أن هذا الوجه الكالح القبيح الذي أظهره اعضاء البرلمان أمام شعبهم والذي لم يراعوا فيه ابسط اعراف وآداب البرلمانات في احترام شعوبها ولجشعهم سقطت عنهم ورقة التوت أمام الجميع ، فظهروا كثلة من الغوغاء والفاسدين أمام شعبهم والعالم في فضيحة برلمانية لم يعرفها التاريخ السياسي الليبي الوطني قط – لكن برغم كل هذه الصورة المأساوية افرزت جلسة البرلمان اشراقة سعيدة واحدة تجسدت في صبر وحكمة رئيس الوزراء ومستشاريه على هذه العصبة حتى يخرج بشعبه من الظلمات إلى النور .خواتيم حديثي أبارك وأهنئ الشعب الليبي بحكومة الوحدة الوطنية وأدعوا الله لها بالتوفيق في تنفيذ برامجها المطروحة خاصة في ملف المصالحة والسلام وإجراء الانتخابات العامة في الموعد المحدد في ديسمبر المقبل حتى نجتس هذه الطبقة السياسية الفاشلة وسنين عشريتها السوداء من الجذور وإلى الأبد .