شكري السنكي
الأمير الحسن الرَّضا السّنُوسي (1928م – 1992م) هو ولي عهد المملكة الِلّيبيّة خلال الفترة من 26 أكتوبر 1956م إلى 1 سبتمبر 1969م بعد أن ألغيت الملكية بانقلاب عسكري في الأول من سبتمبر من سنة 1969م الذي قاده الضباط الوحدويون الأحرار بقيادة الملازم معمر القذّافي. كان ولّي العهد الأمير الحسن الرَّضا السّنُوسي بمقر سكنه فِي طرابلس ساعة وقوع الانقلاب فأرغمه الانقلابيّون على التنازل عَن العرش تحت تهديد السّلاح، حيث أجبره على ذلك أحد أعضاء مَا يُسمّى بـ«مجلس قيادة الثورة»، وهذا مَا أكده الأمير محمّد الحسن الرّضا ابن وليّ العهد فِي مقابلاته الصحفيّة، وتمّ بث نص خطاب التنازل فِي الراديو الِلّيبيّ.
وُضع الأمير الحسن فِي السجن مِن سبتمبر 1969م إِلى صيف 1972م، ثمّ تحت الإقامة الجبريّة فِي بيت تحرسه كتيبة جيش مِن صيف 1972م إِلى منتصف سنة 1977م. وبعْد رفع الإقامة الجبريّة عنه فِي نهايّة سنة 1977م، صدر قرار آخر فِي نهايّة سنة 1978م يقضي بمنعه مِن أداء صلاة الجمعة والتي كان يؤديها فِي جامع إدْريْس وسط طرابلس بعدما رأت السّلطات تجمع النَّاس لمصافحته ومعانقته بحرارة بعْد أدائه للصلاة، فأثارت هذه المسألة حفيظتها وغضبها ودفعها لاتخاذ القرار سالف الذكر.
وَبعْد ذلك، قامت بعض عناصر اللّجان الثّوريّة ومخابرات نظام القذّافي بحرق المنزل الّذِي كان يقيم به الأمير الحسن الرَّضا وأسرته فِي شهر فبراير 1984م، وأجبرت عناصر النَّظام عائلة الأمير على مشاهدة المنزل يحترق بكلِّ محتوياته.
وبعْد إصابة الأمير الحسن بجلطة وتدهور حالته الصحيّة بشكل كبير، سمحت له سلطات القذّافي بالسفر إِلى الخارج رفقة ابنه الأمير محمّد النجل الثّاني فقط لتلقي العلاج فِي المملكة المتَّحدة، وسمحت لبقية أفراد الأسرة بعْد مضي ثمانيّة أشهر باللحاق به. سمحت أجهزة القذّافي المخابراتيّة لسمو الأمير الحسن الرَّضا بمغادرة البلاد يوم 18 أكتوبر 1988م للعلاج فِي لندن بعدما أكد الأطباء لرجال المخابرات أنّ سموه لن يعيش أكثر مِن شهر أو شهرين. هذا مَا ذكره وأكد عليه الأمير محمّد الحسن الرّضا حينما حاورته مجلّة الحقيقة الإلكترونيّة، فقال: «سمحوا للوالد بالسفر بعدما قال الدكاترة أنه لن يعيش أكثر مِن أشهر.. ولكن شاء الله أنّ يبقى الوالد حياً لخمس سنوات مِن سنة 1988م إِلى 1992م».
تُوفي الأمير الحسن الرَّضا فِي لندن يوم 28 أبريل 1992م، ونقل جثمانه الطاهر إِلى المملكة السعوديّة، حيث دفن بقرب قبر سيدنا محمّد عليه الصلاة والسّلام، وبجانب قبر عمّه المَلِك محمّد إدْريْس السّنُوسي فِي البقيع بالمدينة المنورة.توفى المَلِك إدْريْس بالقاهرة في 25 مايو 1983م، وتوفى الأمير الحسن الرَّضا فِي 28 أبريل 1992م بلندن بعيداً عَن جماهيريّة الرعب، ودفن الملك وولي عهده بجانب اشرف الخلق محمّد صلى الله عليه وسلم وصحابته بالبقيع بالمدينة المنورة. ترك ولي العهد الأمير الحسن الرَّضا وصية لأبنائه واضعاً المسؤوليّة من بعده فِي عنق أحد أبنائه مؤكداً أنه يشعر بالمسؤوليّة الوطنيّة والتاريخيّة تجاه الأمّة الِلّيبيّة الكريمة التي منحت ثقتها لأسرته السّنُوسيّة لقيادة البلاد قبل الاستقلال وبعده، ويشعر بالواجب الشّرعي الّذِي يفرض عليه أن يضع الأمانة فِي عنق أحد أبنائه بعْد أن أرقده المرض وضعف جسده. وضع ولي العهد المسؤوليّة في عنق الأمير محَمّد نجله الثّاني، وفتحت الوصية فِي حضور أشقاء الأمير، الأمراء: المَهْدِي وخالد وأشرف وجلال، فِي مؤتمر صحفي عُقِد بلندن في 18 يونيو 1992م حضرته الصحافة العالميّة وبعض الشخصيّات الوطنية، ونقلت وقائعه محطّة «سكاي» الفضائيّة، وقام الأمير المَهْدِي نجل ولي العهد الأكبر بقراءة الوصية.
رحم الله الأمير الحسن الرَّضا السّنُوسي فِي ذِكْرَاه، وسلام وتحِيَّة إِلى رُوحه الشَّرِيفة الطَّاهرة فِي علياء ملكُوتِهَا. بقلم: شكري السنكي الخميس الموافق 28 أبريل 2022م * جزء مما سبق أن نشرته تحت عنوان: «كفانا سيراً فِي طريق المجهول… لدينا دستور فلنُفعّله، ومَلِك فلنبايعه» فِي موقع: «ليبَيا المُسْتقبل»، بتاريخ 9 ديسمبر 2014م.