بقلم :: عبد الرحمن جماعة
قولوا ما شئتم، فلو قلتم لصَدَقتم ولصُدِّقتم..
رغم إننا أكثر الشعوب تجانساً، إلا إننا أكثرها اختلافاً وفرقةً.
ورغم إننا شعبٌ واحد، إلا أننا نعيش كشعوبٍ عديدة.
ورغم أننا من أغنى الشعوب وأكثرها ثرواتٍ، إلا أننا نعيش كأفقرها.
غنينا ينهب، وفقيرنا يتسول، وما بين فقيرنا وغنينا أناس يقفون على أبواب المصارف يتسولون حقهم المنهوب.
قولوا ما شئتم، فلو قلتم لصَدَقتم ولصُدِّقتم..
ليبيا (خشت في حيط)، لأن قائدها أرعن، وسائقها أهوج، ورائدها خائن..
ولكن…
أليس ركابها هم الذين يصفقون لقائدها، ويمدحون سائقها، ويتسترون على رائدها؟!
قولوا ما شئتم، فلو قلتم لصَدَقتم ولصُدِّقتم..
نحن أمة تبحث عن الخلاف في ثنايا الوفاق، وتُفتش عن الشقاق في تراقيع الوئام، وتسعى للفرقة في أجمع المجامع، وتقرأ التيه في ألواح موسى، وتدقق في أدق الشقوق في الكتلة الصماء!
ألا يدل ذلك على أننا حزمة كرناف، أو قفة المصارين؟!
قولوا ما شئتم، فلو قلتم لصَدَقتم ولصُدِّقتم..
نحن شعبٌ يسعى للانتصار على نفسه، والانتقام من بعضه، ويحاول النيل من ذاته، والانتقاص من مكانته، والحط من شأنه!
قولوا ما شئتم، فلو قلتم لصَدَقتم ولصُدِّقتم..
نحن أمة يقودها السياسي الفاشل، ويتدبر أمرها الوزير السارق، ويحركها الإعلامي الهابط، ويحرسها الجندي الغائب، وبين كل أولئك، وخلف كل أولئك.. مواطنٌ خاضع خانع، أصم أبكم، راضٍ ساكتٍ، لا يغضب إلا في وجه زوجته وأبنائه!
ولكن..
من جهة أخرى..
ومن زاوية ثانية..
ومن منظورٍ آخر..
ورغم كل المساوئ والعيوب والمثالب، ها أنت أيها المواطن البائس تخرج من بيتك، تتجول وتتسوق وتبيع وتشتري، وتجلس في المقهى مع رفاقك، بلا دولة تمثلك، ولا قانون يُنظم حياتك، ولا شرطي يحرسك، ولا جندي يحميك!
وهل يُمكنكم أن تتصوروا غياب الدولة في أي بلد غربي، والناس فيه يعيشون كما تعيش أنت الآن؟!
ألا يدل ذلك على أننا شعبٌ طيب؟!
ثم أين هي البلدان التي لم تنشب فيها حرب، أو يتقاتل أهلها فيما بينهم، وهل قامت الدول الغربية إلا على ملايين الجثث، أم أننا نحن الاستثناء الوحيد في هذا الكون، أم نحن أرشد وأعقل أهل الأرض قاطبة؟!
قولوا ما شئتم.. ولكن افعلوا شيئاً واحداً:
اتفقوا!.