بقلم :: عبد السلام سنان :: ليبيا الخمس
أيها الشوقُ الذي بِتُّ أحمله قدرًا، سمائي قاحلة هذه الليلة إلاّ من نجمةٍ بعيدةٍ هناك، خلف أسوار مدينةٍ تعبقُ بالتاريخ وعجيبة الدنيا تُنير أمسها وغدها، كلّما ضاقت بي الأرضُ بما رحُبتْ حزمت حقائب وحدتي وامتطيتُ جواد حكايتي البعيدة، أؤثثُ شاهقات الذاكرة، أبحثُ عن ملاذٍ لروحي التائهالمرتبكة، أفتّشُ عن أنْسٍ ولأشيّدَ قصورًا لقصائدي الراعفة على ضفة نهدٍ صامتة، سأرسمكِ في عيدي الأول على خدَ تُفاحي الأحمر، أُغري ليلكِ الطويل بفاكهة مواسمي، كي تهطلي بالفرح والضوء، وتكتبي على آخر سطرٍ في قصيدتي، أنتَ وحدك من هزَّ عرش عليائي ورجَّ قصر غروري، وأشرقت بقصائده عيوني، وأنتَ يا رفيقي من أهمس في موقد سهري حطب أنينه حتى ثَمِلَ فجري من تثاءبِ هذياني، تبًا لاشتعالكِ يا امرأة، كيف أطفأتِ حريقي ؟ خِلتُكِ ملاكًا مُطوّقًا بالتمائمِ وقنديل يحرس عتبات انتظاري، وطفلة تركضُ في فضاء وجدي، دعيني أفتّتُ رغيف شهوة الإيحاء على معارج بوحي، لِتحُطَ عصافير نهمكِ على ساعديّ، فأنشدها زهورًا تُغرقني في ربيعها، مأذبة الكسوف تنتظر أفانين الحروف ومواقد النور من لُجّةِ الشوق الأسيل، ومن جسدِ القصيد يُبْهرُ حميم الوجد، يرسم تعويذة الشغف على المسافة بين شفاهي والنهد، حيث إعصار من لهف، يزهر الربيع يقينًا، يبتهل الحفيف بهجة، تُؤنسُ جذوة الشوق، من شُرفة عيدي أوزّع على أطفال القمر توت الحب، أخفي عن ملامحهم قيظ الهجير ولفح الوجع الذي يتربّصني، إليكِ أرسل هدية عيدي باذخة الغناء، معزوفة مطرٍ وضوء أعزفها في صباحكِ الرشيق على ربابةِ لذيذة، أطيرُ إليكِ فوق أجنحة الوِداد، أربتُ على غيمةٍ تنسجُ لكِ فستان اللقاء الأسطوري من بَخُورِ البنفسج وعطر العنبر، لن تتأخر هذه الليلة موسيقى العناق النبيل، وسط مجمرة الوحشة ونثيت اللهفة، فأنتِ يذا، لقد أرهقني نرجس عشقكِ، لا تستغربي يا امرأة معجونةٍ بضوئي وعطر قصائدي، حين أتبعثرُ في صوتكِ الملائكي المُبلل بالياسمين وأصبحُ درويشًا ألهتُ إلى غيمتكِ الحُبْلى بالعويل، أسقُطُ في جُبِّ روحكِ السرمدية، أنادمُ رعدة الإنصهار، أرقصُ فوق خاصرة الخيال، أعلمكِ ألف باء الانتشاء، أنأى بكِ عن جنون الضجيج، بعيدا إلى شاطىء اللازورد، أركضُ حافيًا على فوّهة غناءكِ العندليب، أنفخُ بركانكِ بشفاهِ الزعفران، نحترق معًا حتى آخر المذاق، أتعلّق في قشّةٍ من ضوء وجهكِ، أتبدّدُ في فوضى حواسكِ المستعرة، أتوسّلُ البهجة من شفاهِ اليباس، أكتبكِ مجدًا في مُقلِ قصائدي البِكْر، هنا في أولِ أيام عودتكِ، إليكِ يا رائعتي وحدكِ …….