- تقرير :: شعبان التائب
الحركة الكشفية حسب تعريف المادة الأولى من الدستور العالمي للحركة الكشفية “هي حركة تربوية تطوعية غير سياسية تُعنى بالفتية والشباب مفتوحة للجميع دون تمييز بسبب الأصل أو الجنس أو العقيدة وذلك وفقاً للهدف والمبادئ والطريقة الكشفية ، والهدف من الحركة الكشفية هو المساهمة في تنمية شخصية الفتية والشباب للوصول إلى أقصى استفادة ممكنة من قدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية، كأفراد وكموطنين واعِين لمسؤولياتهم ، وكأعضاء في مجتمعاتهم المحلية والوطنية ومجتمعهم العالمي” .
أهْدَافُ الحَرَكَةِ الْكَشْفِيّة إن هذه المادة من دستور الحركة الكشفية العالمية تعطي توصيفا كاملا لمفهوم الحركة الكشفية وتحدد هدفها ومبادئها والطريقة التي من خلالها تتحقق هذه الأهداف والمبادئ ، والهدف من الحركة الكشفية حسب نص المادة هو المساهمة في تنمية شخصية الفتية والشباب للوصول إلى أقصى استفادة ممكنة من قدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية كأفراد وكموطنين واعين لمسؤولياتهم وكأعضاء في مجتمعاتهم المحلية والوطنية ومجتمعهم العالمي ، وذلك بتهذيب نفوسهم وصقل مواهبهم وتنمية مهاراتهم وتوسيع مداركهم ، حتى يكونوا مواطنين ملتزمين بأداء واجباتهم على أكمل وجه ، وعلى قدر من المسؤولية والوعي والثقة بأنفسهم والتعاون مع المحيطين بهم ، ولديهم مهارة في تسيير وإنجاز أعمالهم ، أما مبادئ الحركة الكشفية فتتمثل في الواجب نحو الله والواجب نحو الذات والواجب نحو الآخرين ، والطريقة الكشفية هي الأسلوب الذي تعتمده الحركة في التربية من أجل تحقيق أهدافها وترسيخ مبادئها اللذان حددهما دستورها ، وفيما يلي مرور سريع عن مبادئ وأهداف الحركة الكشفية والطريقة التي من خلالها تتحقق هذه المبادئ والأهداف .
مَبَادِئ الحَرَكَةِ الكَشْفِيّة • الواجب نحو الله : إن الدّين لم يكن دخيلا على الحركة الكشفية كما لم يدخل إليها بعد تأسيسها بل كان عنصراً أساسياً فيها منذ انطلاقها وجزءا لايتجزأ منها كما أشار إلى ذلك مؤسسها بادن باول ، فالتمسك بمبادئ الدين والعمل بإرشاداته والحرص على أداء شعائره والالتزام بما يدعو إليه من قيم وفضائل هو أول المبادئ الكشفية التي يتحقق من خلالها أهم أهدافها وهو تنمية شخصية منتسبيها للوصول بهم إلى أقصى استفادة ممكنه من قدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية .
• الواجب نحو الذات : تنمية الذات مبدأ أساسي ومهم من مبادئ الحركة الكشفية فالإنسان لايستطيع أن يقوم بواجبه نحو خالقه ونحو غيره إن لم يقم بواجبه نحو ذاته ويعدها الإعداد السليم والصحيح ، فالفرد الذي لايستطيع خدمة نفسه يكون عاجزا عن تقديم أي خدمة مهما كانت بسيطة لغيره ، ولهذا كان تركيز الحركة الكشفية على الفرد كبيرا ولم يرتكز اهتمامها بالآخرين فقط على حساب الفرد بل اهتمت بالفرد لكي يكون عضواً نافعاً مع الآخرين ويكونوا جميعا أعضاء فاعلين ومواطنين واعين لمسؤولياتهم في مجتمعاتهم سواء المحلية أو الوطنية والعالمية ، فعملت على إعداده عقلياً وجسدياً وفكرياً وروحياً لكي ينشأ سليم العقل والروح والجسد ،فإعداد الذات الإنسانية ومسؤولية تنميتها مسؤولية هامه يقوم عليها المبدأ الآخر من مبادئ الحركة الكشفية ، التي لا تتركز فقط على مبدأ الواجب نحو الله والآخرين ، بل تؤكد على أن يتحمل الفرد مسؤولية ذاته واكتساب المعارف والحقائق وتنمية القدرات والمهارات وذلك كله من أجل الوصول إلى ذات واعية بذاتها وواقعها متكيفة في جميع علاقاتها وهذه هي التربية الاستقلالية الذاتية النامية التي تعتمد عليها مناهج وبرامج وأنشطة الحركة الكشفية من أجل إعداد منتسبيها الإعداد السليم والصحيح .
• الواجب نحو الآخرين : الآخر هو كل من يشاركنا الحياة في مجتمعنا المحلي والوطني والعالمي ، وواجب مساعدة الآخرين هو واجب أخلاقي تدعو إليه القيم الإنسانية والشرائع الدينية قبل المبادئ الكشفية ، فما استحق أن يعيش من عاش لنفسه فقط ولم يفكر في غيره ويمد إليه يد المساعدة خصوصا إذا كان محتاجا للمساعدة ، وما أكثر المحتاجين إليها ، فلا تكتمل مبادئ الحركة الكشفيه ولا تتحقق أهدفها إلا بهذا العنصر الأساسي والمهم الذي تربى عليه منتسبوها وتغرسه في نفوسهم وتعلمه لهم منذ الصغر، من خلال نظام الطلائع أو نظام المجموعات الصغيرة ، ولا يمكن للإنسان أن يعيش بنفسه ولنفسه فقط ولا يكون كشافا إلا بعد أن يقسم على أن يبذل قصارى جهده لخدمة غيره وأن يسخر قدراته البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية التي عملت الحركة الكشفية على تنميتها لخدمة وطنه من خلا ل مجتمعه المحلي وأن يساهم في خدمة المجتمع العالمي من خلال خدمة وطنه ، فالكشاف هو الذي يشعر بأن لديه واجبا يوميا يجب أن يقدمه لغيره أيا كان هذا الغير ولا يتخاذل عن تقديمه مهما كانت الظروف .
مُخَيّم برَاوُن سِي وَالطّرِيقَة الكَشْفِيّة في عام 1907 حين أقام مؤسس الحركة اللورد بادن باول أول مخيم كشفي للفتيان في جزيرة براون سي بإنجلترا، كان لا يفكر في الشكل النظري للطريقة الكشفية ، ولكنه كان يملك روح الطريقة ، فلقد ورد في وثيقة تجربة ناجحة ، التي كتبها بادن باول كيفية إقامته لهذا المخيم الكشفي بشكل ناجح أثَّر في الفتية كثيراً وكانت هذه هي البداية الحقيقية للكشفية ، فلقد حرص أن يعطي عشرينا من الفتية جرعة من الحياة الكشفية التي وضع تصورها بنفسه ، فتعلموا النظام والاعتماد على النفس و التخييم وقوة الملاحظة وبعض مهارات الحياة في الخلاء وتربوا على أخلاق الفروسية وكيفية الحفاظ على البيئة من حولهم، بالإضافة إلى جرعة من التربية الوطنية. وكانت الطريقة التي اتبعها بادن باول هي ما نسميه الآن بالطريقة الكشفية ، فاعتمد على تقسيم الفتيان إلى مجموعات صغيرة تُجرى جميع أنشطة البرنامج من خلالها وهو ما يطلق عليه نظام الطلائع ، واعتمد على التطبيق العملي أكثر من الشرح النظري وهو ما يسمى بالتعلم بالممارسة حتى لا يسأم ويمل الفتية ، كما كان يحفزهم بعمل العديد من المسابقات والتكليفات الليلية واجتماعات حلقة السمر التي تعطي روحاً جذابة ومثيرة للنشاط وهو ما يسمى بحياة الخلاء والبرنامج المتدرج المثير.
وساد المخيم حين ذاك انضباط جميل أثر في الفتية بعد ذلك وجعل أولياء الأمور يثنون على هذه الحركة التربوية الفذة ، ومن أبرز ما كتب عن هذه التجربة الناجحة مقالة لأحد النقاد المشهورين آنذاك, حيث قال ” هذا المزيج الشامل لكل ما هو جميل في التحلي بروح الفروسية ومهارات الهنود الحمر وتعليم الجندية الحقة ومغامرات شارلوك هولمز والنظام الإقطاعي الارستقراطي لهو عبقرية حقيقية ، إن هذا النظام لهو أفضل نظام في تربية الفتيان شاهدته على الإطلاق ، فهو غاية في المثابرة والحكمة معاً ” وهو ما يطلق عليه نظام التربية الذاتية ، وفى هذه التجربة لم يكن بادن باول قد وضع أساساً نظرياً للطريقة الكشفية ولكنه كان يؤمن بما يفعل ويعلم جيداً كيف يطبقه .