- السفير :: غيث سالم
أحد شباب الديبلوماسيين سألنى هل هناك مبادرة تسمى مبادرة العقيد معمر القذافى تجاه تشاد ، نحن مجموعة من الزملاء مهتمون بالعلاقات الليبية الافريقية وهناك من نصحنا بالاستعانة بك للحصول على الجواب الذى نأمل ان يكون على صفحتك لأن البعض فى بحوثهم قد يحتاجون لشيئ موثق يستشهدون به .
الحقيقة فاجأنى السؤال وأسعدنى فى آن ، فاجأنى فأنا غير مستعد ولا أحتفظ بأية وثائق وأسعدنى أن تكون لديبلوماسيينا الشباب مثل هذه الإهتمامات بقضايا تمس بلادنا ماضيا وحاضر ، مماحفزنى على شحذ الذاكرة ، وأدون فيما يلى ما استطعت إستحضاره حول مبادرة القذافى بشأن تشاد .
كانت الحرب الليبية التشادية قد حطت أوزارها عقب معركة وادى الدوم فى مارس 1987، وسيطرة القوات التشادية على كامل شمال تشاد وتجاوزته الى إحتلال قرية أوزو ، الا أن القوات المسلحة الليبية إستعادتها يوم أول سبتمر 1987، واستمرت حالة وقف إطلاق النار قائمة بين البلدين ، الى أن كان يوم 1988/05/25 الذى صادف الذكرى 25 لقيام منظمة الوحدة الإفريقية ، وخلال إحتفال تقيمة وزارة الخارجية الليبية كغيرها من وزارات الخارجيه للدول الاعضاء بالمنظمة ، يدعى اليه السفراء ورجال الاعلام ، فاجأ العقيد القذافى الحضور بتواجده بينهم فى القاعة المقام بها الاحتفال بالفندق الكبير ، وألقى كلمة مقتضبة ضمنها نقاطا ، عُرفت فيما بعد بمبادرة القذافى تجاه تشاد وهى :
1- الإعتراف بنظام حسين هبرى فى انجامينا .
2- اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين .
3- التوسط لعقد صلح بين حسين هبرى و كوكونى وداى .
4- اطلاق سراح الأسرى التشاديين لدى ليبيا والطلب من منظمة الوحدة الإفريقية إرسال طائرات فورا الى ليبيا ، للعودة بهم الى بلادهم ، دون الإشارة الى وضع الأسرى الليبيين لدى تشاد بإعتبار انها ستفعل نفس الإجراء .
5- اقامة مشروع مارشال ليبيى لإعمار شمال تشاد نتيجة الأضرار التى أحدثتها الغارات التأديبية التى شنها سلاح الطيران الليبى على المتحاربين التشاديين الذين يخترقون الحدود الليبيه فى قتالهم ضد بعضهم .
لم يتفاعل هبرى مع هذه المبادرة وتجاهلها وأستقبلت انجامينا حوالى 500 أسير تشادى نظمت منظمة الوحدة الإفريقية عودتهم بالتنسيق مع السلطات الليبيه إلا أن سلطات تشاد إعتبرتهم تشاديون كانوا يقيمون فى ليبيا وعادوا لبلادهم .
كان هدف هبرى إستعادة أوزو التى ترى فيها ليبيا أرضا ليبية ، وكان هدف القذافى إقامة علاقات طبيعية بين بلدين جارين ، تطلعا الى تطوير المنظمة واقامة تعاون فعال بين أعضائها .
تضاربت الأهداف وتجمدت المبادرة .
وإستمرت حالة السكون حوالى ثلاثة شهور الى أن تحرك أربعة رؤساء أفارقه هم :
موسى تراورى رئيس مالى ، ساسو انقيسو رئيس الكونغو برازافيل عمر بونقو رئيس الجابون ونجسينمبى اياديما رئيس التوجو الذين قام بعضهم برحلات مكوكية بين طرابلس وانجامينا وتقدموا بمقترح لاعادة العلاقات بين ليبيا وتشاد ، تمنع هبرى فى البداية ولكنه امام ضغوط هؤلاء الرؤساء قبل وكانت عودة العلاقات الديبلوماسية وتبادل السفراء فى شهر اكتوبر 1988 ، وتلك قصة اخرى .