عثمان محمد صالح
في صباي الباكرِ، في القرية ..
مات الجَد الحبيب، في أسرةِ الجيران ..
بَكَته القريةُ محزونةً، أياماً، وانتهى العزاء ..
في بحرِ حزنِهم العميقِ بعد ذاك، انشغل ابنه الشاب والحفيدان جوار حدادِ القريةِ، متعجلين مهتمين أمام عينيَّ، حتى خرجوا منه بشاهِدِ المقبرةِ باهيَ الزرقةِ، المزخرفِ، فِضيَّ الحروفِ باسمِ (المرحومِ) وحملوه محزونين، معاً، واثبتوه أثراً حبيباً باقياً منه فوقَ قبرهِ البعيد ..
في شبابي …
تعالىَ النحيبُ والنواح في الجيران ..
فارق الإبنُ/الأب الدنيا، شيخاً، لاحقاً بمن سبقَ، فتكاثفت حركة ابنيه الحفيدين الشابين في بحرِ حزنهم الشديدِ لدى الحدادِ، أمام عينيَّ، مهتمان متعجِلان حتى خرجا منه بشاهِدِ المقبرةِ باهي الزرقةِ المزخرفِ، أنيقِ الحروفِ باسمِ (المرحومِ) وحملاه، معاً، وأثبتاه أثراً حبيباً باقياً فوقَ قبرِ الأبِ البعيد ..
زرت مؤخراً مقابرَ القريةِ محزوناً متأملاً معالمَ عالمِ الأموات ..
شاهِد قبرِ الجَدِ صَدِئاً مطموس لونٍ وكتابةٍ مُلقىً فوقَ حصىَ القبرِ القديم … وشاهِد قبرِ الأبِ/الإبنِ باهتاً، مائلاً فوقَ ترابِ القبرِ المتهدِّم، غيرَ بعيدٍ … وشاهِد قبر الحفيد/الشيخِ (الفقيد) قائماً مزخرفاً براقاً ساطع ألوانِ، لايزال، وقد اثبتته أيادي أبنائهِ المحزونين، قبل أشهر قليلة مضت !! ..