مبروك السيّاري
مَسَاءً
أُعِيدُ فِرَاخَ الحَمَامِ إِلَى عُشِّهَا
وَأَنَامُ خَفِيفًا
كَرَسْمَةِ طِفْلٍ عَلَى وَرَقَةْ
وَأَحْلُمُ أَنَّ حَمَامًا يَطِيرُ بَعِيدًا
وَيَنْسَى بِأَنَّ دَمِي كَانَ قَمْحَ رُؤَاهُ
وَكَانَتْ يَدِي أُفُقَهْ !
وَأَنِّيَ مَنْ صَاغَ هَدْيَ خَرَائِطِهِ
فِي الضَّيَاعِ الأَخِيرِ
وَمَنْ يَجْمَعُ الآنَ مِلْءَ الـمَدَى مِزَقَهْ
سَيَنْسَى
كَمَا نَسِيَ الظِّلُّ ضِحْكَتَهُ
فِي الزِّحَامِ
وَتَرْجَمَةَ الشَّوْقِ وَالحُزْنِ
وَالفَرَحِ الطِّفْلِ وَهْوَ يُرَوِّضُ لَثْغَتَهُ
أَوْ يَمُدُّ إِلَى غَيْمَةٍ عُنُقَهْ
سَيَنْسَى
كَمَا نَسِيَ الوَرْدُ مِنْ غُرْبَةٍ عَبَقَهْ
وَيَنْسَى
كَمَا نَسِيَ الطِّينُ حِينَ اسْتَوَى بَشَرًا
أَنَّهُ عَلَقَةْ !
وَأَحْلُمُ أَنَّ نُصُوصًا مُكَثَّفَةً
رَاحَ يَكْتُبُهَا الحُبُّ
أَوَّلُهَا دَوَّنَتْهُ الطُّيُورُ بِأَجْسَامِهَا
فِي الفَضَاءِ
وَتَوَّجَهُ الصَّبُّ فِي عَيْنِهِ حَدَقَةْ
وَآخِرُهَا: عَاشِقَانِ تَفَرَّقَ شَمْلُهُمَا
قِيلَ صَارَا قَبَائِلَ مِنْ حَبَقٍ
فِي صَحَارَى الشَّتَاتِ
أَظَلَّهُمَا الحُبُّ عُمْرًا
فَصَارَا مَعًا حَبَقَةْ !
وَأَحْلُمُ أَنَّ يَدًا تَطْرُقُ البَابَ
بَابَ الـمَبَاهِجِ
تَخْلَعُهُ حِينَ تَعْلَمُ أَنَّ مَشَاعِرَهُ صَدِئَتْ
مُنْذُ طَارَ الحَمَامُ
مَشَتْ فِي جَنَائِز سُكَّانِهَا الـ
أَخَذُوا بَهْجَةَ البَيْتِ وَانْطَلَقُوا
تَرَكُوا البَابَ يَعْوِي
كَذِئْبٍ يُسَرِّحُ فِي غَابَةٍ حُرَقَهْ
لِذَلِكَ فِي كُلِّ طَارِقَةٍ
يَلْعَنُ البَابُ مَنْ طَرَقَهْ !
وَأَحْلُمُ أَنَّ يَدًا تَطْرُقُ البَابَ.. بَابِي
فَأَصْحُو وَلَا أجِدُ العُشَّ فِي غُصْنِهِ
لَا فِرَاخَ الحَمَامِ وَلَا الوَرَقَةْ
فَأَسْأَلُ كُلَّ الجِهَاتِ
وَأَصْرُخُ فِي العَالَمِينَ
تُرَى عُشِّيَ القَشَّ مَنْ سَرَقَهْ؟ !