- د – سعد الاريل
لعل ما يشغل بال الليبيين اليوم هو تحقيق عاملين أساسيين : الاستقرار و التنمية اللذان أصبح المواطن الليبي معزولا عنهما في النطاق السياسي ردحا طويلا من الزمن لم يشهد فيها الشعب الليبي أي تقدم ممكن ينهض ببلاده سوى في النطاق الخارجي و المحلي لقد حدثني السفير البريطاني السابق حول مستقبل البلاد في ضوء الأحداث الجارية في بلادنا الذي بدأ ميؤوسا من الوضع في ظل المتغيرات الحالية لزمن محدود ..كان الرجل متشائما و لعله كان قارئا للتاريخ السياسي ..فى الواقع وجودنا اليوم تائه عن الطريق .. الثورة التي قامت ضد القذافي كان أمرها اجتماعي بالدرجة الأولى ..كان الإقطاع الاقتصادي و السياسي اللذان غلفا البلاد برداء التخلف العميق الذي ساد عقودا كثيرة نزع إلى أن الفرد في بلادنا ذو نوازع خاصة فردية و ليست وطنية كما نشاهده في الساحة السياسية اليوم جريا على القول في أحاديثنا الشعبية ( سمي سمي و خذ بلاد).. القذافي لم يحسن اللعبة السياسية في البلاد و جرته الطوبئيات إلى الخلف.. لم يكن يفكر في هيكل سياسي يضمن الحرية و الاستقرار للبلاد بل جنح للخيال و ليس الواقع .. كان ينظر إلى كرسي الحكم و ليس لكرسي الشعب الذي كان يعاني الفقر و التخلف .. فلم يحقق أي نظام ممكن للشعب . كان القذافي يمارس الإقصاء بكل عنف عن دوائر الحكم و لم تكن المؤتمرات الشعبية إلا ( هايد بارك ) اللندنية : قل كلمة و امشي .. ؟؟ كان القليل الذي يختلج في نفوس الناس هو الحرمان من ممارسة الناس لشؤونهم السياسية و خاصة المحلية ..فكانت المركزية قد نشبت أسنانها في جسد الشعب ..كانت الثروة تتأطر في يد المركز الذي لم ير الضوء بوضوح حول جغرافيا المعاناة للبلاد و دفعت المليارات في تراب الصحراء التي لم تجدِ واندفع إلى نظام تشاركي فاقد للأهلية القانونية فعم الفساد في أرجاء البلاد في مشروعات وهمية لا تجدي نفعا .. ودفعت بأموالنا خارج حدودنا ليتلقفها النصابون في الغرب باسم الاستثمار الأجنبي ..و دفع في هذا المجال بأناس لا يعرفون ألف باء السندات و كان القائمون على هذا النوع من الاستثمار ذوي نوازع بعيدة عن جدوى الاستثمار الممكن سوى تحقيق المصالح الشخصية .زرت أحد مصارفنا الأجنبية وكان مكانا خاويا من أي نشاط قلت لهم : ماذا تفعلون ؟ قيل لي : نبيع الريح للمراكب ؟؟ لنعرج على صلب موضوعنا حول النظام الفيدرالي وهل هو ممكن في بلادنا ؟ولماذا ؟ . الواقعية التاريخية تبرز لنا العديد من النماذج للنظم الفيدرالية حول العالم وخاصة النظم المتطورة و التي أدخلت النظام الفيدرالي في شؤون الحكم .. مثل الاتحاد الروسي و الولايات المتحدة و غيرهما اللتان تشهدان تطورا في إدارة الحكم المحلي نحن لونظرنا إلى المسألة الجغرافية لرأينا التباعد و التوسع الجغرافى بين الأقاليم و من الصعب على الإدارة المركزية المشاهدة عن كثب و إدارة شؤون المحل بين الأقاليم الثلاثة و تتبع ما يجري فيها و كما يقول المثل بعيد عن العين بعيد عن الخاطر ..فما الذي يسعى إليه النظام الفيدرالي أولا بأول هو الكفاية الاقتصادية للمحل..أي لا يمكن أن ننفق المال على مكان لا يأتي بفائدة ثم القضاء على التشتت السكاني الكبير المشاهد في بلادنا لنجد أسرة تعيش على تلة و لا تملك شيئا من موقومات الحياة فالنظام الفيدرالي سوف يقضي على التوطين العشوائي و الكثير من صور التوطين العشوائي كثيرة في بلادنا مثلا مدينة ( سرت ) يمكن أن تنشأ موانئ بحرية و جوية .. تخدم المنطقة الوسطى و لا تُبنَى فيها فنادق 6 نجوم فسرت منطقة خدمية في الأساس و ليست زراعية .. مثال بسيط على ما نورده من مثل .. فالنظام الفيدرالي يسعى إلى الكفاية الاقتصادية و السياسية و أيضا النظام الفيدرالي يسعى لتقسيم الثروة مابين الأقاليم عن طريق ضريبة الدخل الفيدرالي التي تخدم المناطق الرخوة غير القادرة عن توليد أي دخل ممكن .. لو لدينا النظام الفيدرالي لما شاهدنا هذا الانشقاق في الجسم الليبي الحادث اليوم .. النظام الفيدرالي ممكن و مناسب لبلادنا و هو الطريق لنهضتنا و سيادة الاستقرار السياسي الملتهب في بلادنا ..فنظام البلديات و المحافظات لا يجدي شيئا في ضوء وزارة ما يسمى بالحكم المحلي المقيدة لشعبية الحكم المحلي..