جميلة فضل
ممنوع الاقتراب من برج الدّاندون ككلّ صباح وقبل طلوع الشّمس قصدت أقرب دكّان بائع جرائد دفعت كل المبلغ المخصّص لمصروف هذا اليوم وبدأت أتصفّحها ترشّفت قهوة بشكلاطة متنوّعة عبر صفحات الإعلانات ..
أشعلت سيجارة بنيران الحروب المندلعة في أجزاء من العالم وأمعائي تتضوّع جوعا من تقلّبات نظم وشعوب بأجزاء أخرى من العالم وأقلّب صفحات أخرى وأتخيّلني نجمة موضة أو فنانة وتتوجها بخبر زواجي من رجل أعمال مشهور ومهري رحلة إلى القمر وتضرب أصابع القدرعلى أوتار الخيبة تسمعني واقعا مرا ..
مضى هذا الصّباح ككلّ صباح كنت أبحث فيه بين هذه الصّفحات عن صباح مميّز من صباحاتي التي يصعب عـدّ أرقامها المرسومة في دفاتر نهاراتي الحالكة بعناوين جفّت أقلامي في تضخيمها نقطة استفهام في الظلام .. نقطة تعجّب على كلّ درب .. قلم مكسور على مكتب مهجور ..
ورفوف الزّمن مرصّفة بحروف المحن تنتظر عودة حبيب غائب عن أرض الوطن وككل صباح وبلهفة متجدّدة قلّبت الصّفحات مرورا بالبورصة وأسعار السّيارات وإعلانات بيع فيلاّت ومزارع وهذا كلّه لا يعنيني وصلت إلى صفحات الحظّ حظّك هذا اليوم .. أيّ حظّ لي ؟.. حظّك في أسبوع .. قرأتها بكلّ دقّة وبالتّفصيل المملّ وكلّها أجمعت واتّفقت على ما يلي …..
ينتمي برج الحمل إلى المجموعة الشّمسيّة حيث أنّه يسكن بين نجم زريبيّ ومجموعة نجوم السّهول الخضراء .. ويحميه عند بوّابة النجم الزريبيّ برج النّور وهو يستأنس كثيرا لوجود برج الجدي قريبا من نجمه .. وبما أنّ برج الحمل ينتمي إلى المجموعة الشمسيّة فنجومه نهاريّة ينطلق نهارا إلى نجم الحشائش ويعتصم ليلا بنجم الزّريبة .. فنجوم هذا البرج ليليّة ولا تظهر إلاّ أوّل ليلة من كلّ سنة ميلاديّة جديدة و إذا خالف برج الحمل المألوف أو احتكّ ببرج الدّاندون سيصاب بمختلف العلل وكما نعلم إذا أصيب هذا البرج بعلّة ما ستغضب نجومه وتصيبنا وعيد الإضحى بالخلل لذا يجب على صاحب هذا البرج أن يحافظ على صحّته والحمل لنحتفل سويّا بعيد الإضحى دون ملل يومها سنلبسه بنهم أبهى الحلل وسندوّن أفضاله علينا في سجلاّت تاريخ إشباع البطون وسنشهد أمام عيد أصحاب برج الداندون أنّ برج الحمل هو البطل ..
رميت كلّ هذه الصّفحات وصرخت أن الحمل وديع ويولد في الرّبيع ويحتضنه الخريف رضيعا .. فلم يأتي الشتاء ليجهز على أنفاسه وأنفاسي ؟.. أأدفن جراحي داخلي وسط مدّ وجزر هذا الحظّ القاسي المميت في ضعف وخيبة أمل واستسلام لهذه الظروف التّعيسة ؟.. أم أنتظر ما كتب لي من سطور هذا الزمان ؟.. إذن لأصمت لأنه لا جدوى لهذا الصّراخ وسط هذه الجدران الصّمّاء