- أ. سالم أبوخزام
ليبيا مرت بمراحل متعددة ، كانت الأولى إبان النظام الملكي لمدة ثمانية عشرة سنة ، وفي وقت قليل اتجهت إلى الاهتمام والنهوض بها من دولة جديدة وحديثة إلى وضعها على الطريق ، في زمن مقاومة الجهل والتخلف .
سارت البلاد بخطى هينة نحو بداية البناء والتعمير وإنجاز الطرق والكهرباء في حدود بسيطة ومعقولة وسط ترتيبات بداية الدولة ومحاولة النهوض بها وزرع التقدم ، بوجود الأجنبي من أمريكان ، وإنجليز ، وطليان ، وبالتالي فإن الحكومات تكاد تكون مغلوبة على أمرها ، وفي تلك الأثناء ذهبت إلى إنشاء إدارة محلية تقودها خبرات أجنبية فرضتها ظروف متعددة .
وسط هذه الأجواء القاتمة والجهل البالغ وأيضا الفقر المدقع ، حاول النظام الملكي النهوض بالإنسان الليبي المهموم بمشاكل لاحصر لها وبالتالي أنجز الدستور الليبي برعاية ” أدريان بلت ” وتحرك لبناء مجلس نواب ومجلس للشيوخ وحكومة تنفيذية بخبرات محدودة ، وبأموال قليلة قبل انفجار النفط .
أقول إنها مرحلة تلمس الطريق والبحث عن بداية مثلى مهما كانت الأسباب.
حال انفجار النفط بدأ الفساد ينخر بأنيابه بالتعاون مع الأجنبي وبعض العائلات الليبية المحيطة بأركان النظام ، وبروز الوساطة والمحسوبية وعجز الملك عن مقاومة هذا السلوك المدمر ، رغم نزاهته وتدينه وزهده في الحكم !!
كان متوقعا أن يحدث التغيير في ليبيا وتتفجر الثورة ، وظلت بأدواتها الثائرة تقود البلاد بجهد قياسي عنوانه نظام ثوري يحكم وجماهير شعبية تؤيد .
سارت البلاد على نفس النهج وتعرضت سنة 1975 لأول محاولة جادة لتغيير نظام الحكم فاتخذت قيادة البلاد خطوات احترازية للحفاظ على شرعيتها وأهمها ثورة الطلاب بالجامعات فالمنتجون ، وقبل ذلك إعلان النقاط الخمس بمدينة زوارة ، والدخول في صراعات كان أشدها الهجوم الأمريكي على ليبيا ، ثم الوصول نحو حالات صراع مستمر ، وتصاعدت الأوضاع وساءت أوضاع الشعب الليبي في داخل البلاد وخارجها .
صارت البلاد مغلقة وتتحرك بحسابات أدق حتى جاءت الغارات الأمريكية انتقاما لسياسات لم يرتح معها الغرب ، الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتائر الصراع ، وتعطلت كل أسباب مؤشرات التنمية ، ثم تعقد المشهد أكثر وزاد اختناق البلاد وتعطل تقريبا كل شيء.
جاءت مراحل من الحصار الطويلة وأثر ذلك بلا شك على عموم الشعب . ولحقت بعد معاناة قاسية مع تحركات تنموية لصالح البلاد ، فكانت أزمة لوكربي الخانقة ، التي انتهت بعودة المسجونين إلى ديارهم وبلادهم .
انطلق بعد ذلك أهم مشروع تنموي وعرف بليبيا الغد ، إلا أنه توقف قبل أن يبدأ بسبب ماعرف بالربيع العربي مرافقا لفبراير .
التغيير شمل كل الدنيا وأطاح بالبلاد بصورة ختامية ، فغصت السجون ، وقتلت أعداد لاحصر لها كما شرد آخرون في الداخل والخارج ، ونزحت أعداد أخرى ، وكان المشهد قاسيا شديد الظلام ، ومنتهاه ضياع الدولة وفشلها بصورة ختامية .
على إثر ذلك انتفض الشرق وجاءت ثورة الكرامة ، وبذلت مجهودات كبيرة ، وبعبارة واضحة أنجزت مايلي :
_ إعادة بناء المؤسسة العسكرية ضباطا وجنودا .
_ تم القضاء تماما على الإرهاب وتدمير القوى الظلامية ، وأسكتت الثورة كل الانفصاليين والجهويين .
_ استعادة ثورة الكرامة السيطرة على حدود وجغرافية الدولة الليبية .
_ حررت منابع وحقول النفط ، ووضعته تحت سيطرة البلاد .
_ ثورة الكرامة تسير في الطريق الصحيح لإعادة كامل البلاد إليها بما فيها العاصمة وأهميتها ، لتتولى لاحقا إخراج كل أجنبي وكل المرتزقة إلى خارج حدودنا بإذن الله .
تحية إجلال وإكبار إلى صانع ثورة الكرامة وإلى ضباطنا وجنودهم البواسل الشجعان وفي المقدمة المشير أركان حرب خليفة بلقاسم حفتر.