العفريتة ..!!

العفريتة ..!!

قصة قصيرة :: ناجي الحربي 
كم هي مزعجة تلك الحكايات التي كانت تغزلها جدتي قبل أن يداعب النوم أجفاني .. كثيرًا ما كانت تؤرقني حتى الخيط الأول من الفجر .. عندما كنت صغيرًا ..
أذكر منها فيما أذكر قصة – العفريتة- التي ابتلعت عقلها .. على حد تعبير جدتي .. فأصبحت تصطاد الاطفال ، وتتسلى بقصف أعناقهم .. وتتمتع باغتيال البراءة في أعينهم ..
ذات مرة ..
معلنةً عن قدوم ضيف جديد لهجت نساء القرية بالزغاريد .. إنه طفل .. اختاروا له من الأسماء ” سامح” .
كبر سامح .. وكبرت معه أطماع العفريتة .. بلغ السادسة .. ولابدّ أن يرافق زملاءه إلى المدرسة .. ليس ثمة ما هو أروع من الطفولة ..!!.
حمل سامح حقيبته بين كتفيه .. وبداخلها كل الأمنيات الطيبة .. والأحلام الصغيرة .. وعندما ولج أول باب للعلم .. في أول يوم .. قضى كل وقته .. وكأنه حلم جميل ..
في طريق عودته إلى بيته المتواضع .. كأنه يسابق الريح ليخبر أمه بيومه الممتع .. وبألف حكاية وقصة .. كانت العفريتة تنتظره بحقدها الدفين .. وفي أحد الأزقة هجمت العفريتة بأظافرها المسعورة ومنظرها البشع .. ورائحتها الكريهة .. تقضم عنق الصغير .. وتطبق على أنفاسه .. حتى خرجت روحه .. ثم تركته كخرقة بالية ..
رجعت العفريتة إلى مخبئها النتن تقهقه .. منتشية بنصرها .. هكذا كانت تظن .. !! استلقت مرخية أذنيها .. فربما تسمع في أرجاء القرية زغرودة لولادة أخرى .
مسكينة جدتي .. فقد كانت تعتقد – فيما تعتقد- أن خراريفها المنسوجة بخيوط الخيال تجلب النوم .. وتبعث على الإطمئنان .. لكنها في الواقع كانت تلاحقني كالظل .. فقد علقت بذهني .. وسيطرت على عقلي حتى عندما غزا الشيب رأسي .. وداهمني الصلع ..
فجدتي تجهل أن تراثنا وتاريخنا فيهما ما يغرس الفضائل الحسنة ..!!
شتاء 1991م.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :