محمد جيد
—-
الساعة الآن التاسعة ليلا داخل قسم جراحة الأعصاب بمستشفى سهلول بمدينة سوسة
أجلسُ عند قدميهِ قبل موعد العمليّة ب13 ساعة لاستِئصال خبيثٍ اِختبأ داخل رأس أبي ، وتسلل على حين غفلةٍ منّي ،ودون علمي بِهْ ، ولكن قدَّر الله وماشاء فعل …
قد كنت حارس أبي الشخصي ووحشه الخلوق ، وعينه المجهرية كلّما خاض معركة ضدّ آلات الكهرباء والتيّارات عالية التردد ، وقد يصل أحدها إلى مافوق 1000 (فولت ) وهو يلهو ويدندن حول رؤوس النار بيد عارية وقد تَوَجَّأَ واحتمى بعازل وضعه في جيب يتيم معدوم أو مسكين مظلوم…
إنّه جنرال الآلات أحمد .. صاحب نظرية ..( قمْ تحرّك مادامت بطارية روحك تعمل)..
تركتُهُ قليلا ، لجلب قارورة ماء ، وأنا أنوس بين أروقة المستشفى ، أمشي منتعِلًا مُقلتَيّ ، وأدُسُّ دمعتيْنِ في جيبي ، لعلني أثبت أمامهُ ..وأنا الذي لا أحتمل مخرز شوكة في حذائه .. ثمّ عدتُ فوجدتُهُ قد أصلحَ مِقرَصَ النور وسريريْنِ و اِلتفتَ إلى مكيّف الهواء يريد إستِئصال ورمه لينفث هواءه الساخن !!
–ماذا تفعل يا أبي ؟!!!
–اسكت ! اسكت !… لا أريد أن أنام في مكان معطوب أكثر من رأسي ..