تقرير : منى توكا شها
بينما تتصارع الأسعار والحاجة في رقصة مستمرة على إيقاع الحياة اليومية، تبرز مدينة القطرون كمسرح لأزمة الوقود التي تلقي بظلالها على جنوب ليبيا. في قلب المعاناة الاقتصادية للمواطنين، حيث يصطف الناس في طوابير طويلة تحت حر الشمس الحارقة، بحثًا عن قطرة بنزين تسير بهم حياتهم.
حيث تتجاوز أسعار البنزين في بعض الأحيان سبعة دنانير للتر الواحد، وهو ما يعكس الفجوة الكبيرة بين الأسعار الرسمية والتكاليف الفعلية للحياة اليومية.
أعرب المواطن نبيل أغني عن استيائه من ارتفاع أسعار البنزين في منطقة القطرون، حيث تتراوح الأسعار بين 5 و7 دنانير للتر الواحد. وأشار إلى أن الأوضاع تغيرت للأسوأ بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، مما اضطره للتوجه إلى السوق السوداء وعدم قدرته على الانتظار في طوابير طويلة ومزدحمة في البلديات المجاورة.
وأكد نبيل أن السبب الرئيسي لهذه الأزمة هو عدم توفر كميات كافية من الوقود وعدم استجابة الحكومة بشكل كافٍ، حيث تقتصر الإمدادات على محطتين فقط في الأسبوع في منطقة يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة. وأشار إلى أن الأسباب تتمثل في نقص توفير الكميات المطلوبة للمنطقة، بالإضافة إلى ساعات عمل محدودة للمحطات، خاصة في فصل الصيف.
وأشار نبيل إلى أن هناك عوامل خارجية تؤثر أيضًا، حيث تعتبر المنطقة منطقة حدودية وتشهد حركة تجارية دولية من الدول المجاورة، مما يؤدي إلى توفر عدد قليل من المحطات في الأسبوع أو حتى أقل في منطقة يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة، بالإضافة إلى تأثير حركة التجارة من مناطق الساحل على توفر الوقود وتكوّن طوابير طويلة.
ونوه نبيل إلى أن أسعار البنزين للعموم تصل إلى 15 قرشًا للتر الواحد، بينما تتراوح الأسعار في المحطات الخاصة بين 5 و7 دنانير للتر الواحد. كما أوضح أن المحطات الخاصة تعمل على مدار 24 ساعة، في حين تعمل المحطات العامة أقل من 9 ساعات مع ازدحام طوابير طويلة. وأشار إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات فعلية لمعالجة هذه الأزمة، وهذا يؤثر سلبًا على الحياة الاقتصادية للمواطنين.
وقال المواطن إبراهيم موليا بأن سعر لتر البنزين كان في الفترة السابقة في السوق السوداء يبلغ 7 دنانير. يرجع ذلك إلى أن منطقة القطرون منطقة حدودية واسعة وتعتمد بشكل كبير على السيارات، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 40 ألف نسمة. ومع ذلك، فإن كميات الوقود التي تأتي من مستودع سبها لا تكفي أبدًا، حيث يتم توفير صهريج واحد فقط كل يومين، مما يتطلب الانتظار في طوابير طويلة تصل إلى 4 كيلومترات لتعبئة البنزين.
في المحطة الحكومية، يكون سعر لتر الوقود الواحد 50 قرشًا، ولكن بسبب نقص الوقود الحكومي، يلجأ المواطنون إلى السوق السوداء، حيث لا يستطيعون ترك سياراتهم بدون وقود، وخاصةً مع نظام الكود. على سبيل المثال، قد قدمت إلى القطرون اليوم وملأت خزان سيارتي، ولكن عندما أسافر بعد يومين، لا يمكنني الذهاب إلى محطة حكومية، وبالتالي نُضطر بطبيعة الحال للجوء إلى السوق السوداء.
وعبّر المواطن أحمد رامي عن رأيه في هذا الشأن، حيث أشار إلى أن سعر البنزين في بلدية القطرون قد يصل إلى 7 و8 دنانير في بعض المحطات. وأكد أن هذا الارتفاع في أسعار البنزين يؤثر بشكل كبير على ميزانيته الشخصية وحياته اليومية، حيث يعتمد بشكل كبير على سيارته للتنقل .
وأعرب أحمد عن استيائه من قلة المحطات وعدم توفر البنزين بشكل منتظم، مما يجبره على البحث عن محطات بديلة في المناطق المجاورة وقضاء وقت طويل في الانتظار في الطوابير. كما أشار إلى أنه يتعذر على أي مواطن تحمل تكاليف البنزين العالية وأن المواطنين بحاجة إلى حل سريع لهذه الأزمة.
علي ميلاد يرى أن الأسعار تتغير بناءً على حالة السوق السوداء وتوفر أو نقص البنزين فيها. وأضاف أنه يعتمد على مزاج أصحاب المحطات في السوق السوداء في بعض الأحيان. وأوضح أن الأسعار في القطرون عادة ما تكون أعلى من باقي البلديات المجاورة. وأوضح أن الأسباب الرئيسية لذلك تعود إلى نقص البنزين في المحطات الحكومية وانتشار السوق السوداء. وأشار إلى وجود مشكلة في البلدية بمنطقة حدودية تشهد تهريبًا وتجارة وقودٍ مزمنة.
ويعتقد أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار يعود إلى قلة كميات الوقود المتوفرة في القطرون مقارنةً بالكثافة السكانية المتزايدة وزيادة الطلب على الوقود. ويعزز هذا الوضع انتشار ظاهرة تهريب الوقود ووجود محطات وقود في السوق السوداء. ومن بين العوامل الداخلية الأخرى، يأتي قلة الوقود وزيادة الطلب عليه بسبب زيادة الكثافة السكانية جراء النزوح إلى القطرون من البلديات والمناطق المجاورة. ومن بين العوامل الخارجية، تُشير ظاهرة تهريب الوقود إلى وجود محطات وقود خاصة في القطرون.
وتظهر الفروقات الكبيرة في الأسعار، حيث يمكن أن تصل إلى 80% من سعر البنزين في المحطات الحكومية. على سبيل المثال، سعر اللتر في المحطات الحكومية هو 0.15 قرشا، بينما يصل سعر اللتر في المحطات الخاصة إلى 5.5. وبالتالي، إذا قسمنا 0.15 على 5.5، فإن النتيجة تقريباً تكون 36. وهذا يعني أن السعر يتضاعف 36 مرة عن سعره الأصلي.
و يقول عبدالقادر القطروني إن سعر الوقود يرتفع في ظل نقص البنزين وزيادة الطلب عليه. و يعزى ارتفاع الأسعار إلى أن المنطقة تعد ممرًا لدول الجوار، مما يزيد من الطلب على الوقود. وعلى الرغم من عدم وجود أسباب محددة، إلا أن المواطنين أصبحوا يتاجرون بالبنزين، حيث يحصلون على حصتهم من الوقود ويبيعونه في السوق الموازي. التهريب والسوق الخاص يعتبران عوامل رئيسية في هذا السياق. وبالنسبة للمحطات الخاصة، يتجاوز سعر البنزين فيها 5 دنانير وأحيانًا أكثر. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد حل محدد من قبل البلدية لهذه المشكلة.
من جانبه، يقول إبراهيم بزنكى إن سعر البنزين في القطرون يتراوح ما بين 4.5 إلى 6 دينارات في بعض الأحيان، وهذا طبعاً في السوق السوداء. وأشار إلى أن الأسباب تتضمن زيادة الطلب، حيث يبحث الناس عن وقود السيارات بشكل مستمر ويكثر الاعتماد على السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم. ومع ذلك، فإن الأسعار العالية تجعل البعض يواجه صعوبة في تحمل تكاليف الوقود. وعلى الرغم من جهود البلدية في مكافحة ظاهرة تهريب الوقود، إلا أنها تواجه صعوبة في التصدي لهذه المشكلة بشكل فعال.
ويضيف أنه من المهم أن تتخذ الجهات المسؤولة إجراءات عاجلة للتصدي لهذه المشكلة وتوفير الوقود بأسعار معقولة للسكان. يمكن أن تشمل هذه الإجراءات زيادة كميات الوقود المتوفرة في المحطات الحكومية وضمان توافرها بشكل منتظم. كما يجب مكافحة ظاهرة تهريب الوقود ومعاقبة المخالفين بشكل صارم.
و أوضح عميد بلدية القطرون، عمر عمورة، أن القطرون هي منطقة حدودية تحدها دولتي تشاد والنيجر لذلك تشهد حركة عبور من وإلى ليبيا. فإن الوقود الواصل إلى القطرون غير كافٍ لتلبية احتياجات المواطنين، نظرًا لعدم وصول كميات كافية إلى جميع المحطات العامة. وأضاف أن الوقود يُباع بأسعار الدولة الرسمية، لكن يتم بيعه أيضًا في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وذلك لغرض العبور للحركة التجارية والتنقل خارج ليبيا.
وفيما يتعلق بالبلدية، أشار إلى وجود لجنة أزمة الوقود والغاز التابعة للجنة الوقود في المنطقة الجنوبية، وهي المسؤولة عن توزيع الوقود. وأوضح أنه عندما شهدوا أزمة وقود مع طوابير طويلة، قاموا بتنفيذ برنامج الكود لمدة سبعة أيام لتخفيف الازدحام، ولكن المشكلة لم تحل بشكل جذري. وأكد أن الحل يكمن في تزويد المحطات في البلدية بالوقود بشكل مستمر من المستودع.
وأشار إلى أن الإجراءات الحكومية، إذا تم تطبيقها، ستكون حلاً للمواطنين. حيث يمكن للدولة أن تصدر كوبونات مالية شهرية محددة بقيمة ثابتة، وترفع الدعم عن الوقود. وبهذه الطريقة ستقلل الازدحام في المحطات، وسيستفيد المواطنون من الدعم.
وأوضح أن المواطنين يشتكون من أزمة الوقود، ولكن البلدية ليست المسؤولة عن ذلك. وأشار إلى أنهم طالبوا الحكومة بتوفير كميات كافية من الوقود لمستودع سبها، حيث تصل الكميات الحالية إلى مليونين ومائتي ألف لتر يوميًا، ويتم توزيع مليون لتر على المحطات يوميًا في جميع أنحاء الجنوب. وأوضح أن هذه الكميات غير كافية، حيث يحتاجون إلى مليون وخمسمائة ألف لتر يوميًا لتلبية احتياجات المحطات.
وأكد أن الوقود في المحطات العامة يباع بأسعار الدولة الرسمية، ولكن من المتوقع أن تتلاشى تدريجيًا عمليات بيع الوقود في السوق السوداء. و أكد أن المواطنين يشتكون من أزمة الوقود، ولكن البلدية ليست المسؤولة عن ذلك، بل قد طالبوا الحكومة بتوفير كميات كافية من الوقود لمستودع سبها. وأوضح أن الكميات الحالية المتوفرة في المستودع تبلغ مليونين ومائتي ألف لتر يومياً، ويتم توزيع مليون لتر على المحطات يومياً في جميع أنحاء الجنوب، وهي كميات غير كافية لتلبية احتياجات المحطات التي تحتاج إلى مليون وخمسمائة ألف لتر يومياً.
وأشار إلى أن الوقود في المحطات العامة يباع بأسعار الدولة الرسمية، ولكن من المتوقع أن تتلاشى تدريجياً عمليات بيع الوقود في السوق السوداء.
وتجدر الإشارة إلى أن فريق صحيفة فسانيا حاول التواصل مع مسؤولي مستودع سبها للوقود للحصول على تعليق، لكن دون جدوى.