أعلاش؟

أعلاش؟

تَنّوَه  

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة   

 سعاد سالم 

soadsalem.aut@gmail.com

كل شيء سيكون من المسلّمات لولا أن شخصا قام من مكانه وسأل: علاااش؟ فتحرك الماء الراكد.

علاش؟ هو السؤال، محطم العادة ،والعادي، والنمط الذي يقفل الدائرة حولنا، ويبتلعنا فراغها، فندور حرفيا مع مشاكل تافهة وكأنها جزء من أجسادنا! علاش هكّي! 

بلدية روتردام 2017 

كنت على موعد مع موظفة البلدية المسئولة عن سعاد(الملف) وكنت في طريقي للخارج حينما اعترضتني سيدة كانت تقف في بهو البلدية،استأذنت أن تسألني: فهززت رأسي موافقة مع اعتذار عن رداءة لغتي الهولندية، وهكذا سألتني إن كنت راضية عن تعامل موظفات/موظفوا البلدية مع مشاكلي أو استفسارتي، فأخبرتها عن مشكلة صغيرة تعترضني وتضايقني، أن البلدية حينما يتغير المسؤول/ة عن إدارة ملفي، لا يخبرني أحد بالتغيير، فأظل أراسل الشخص الذي في بالي مازال يعمل على ملفي ،ولا إجابة، ما يزيد توتري في غياب إجابات على موضوعات تواجهني في حياتي اليومية الجديدة، سجلت السيدة ملاحظتي، وأخبرتني أن الملاحظة جديرة بالانتباه، مضى الوقت، ثم بدأتُ أتلقى ايميلا من مسئول/ مسئولة ملفي، كلما غادرت أو غادر، معرفا بالشخص الذي سيستلم ملفي بعدها/بعده، وهكذا سار الحال، بهدوء.

الهيئة العامة للصحافة اطرابلس 2006

من المفترض أن يكتب كل صحفية/ي سافر في مهمة استلم بموجبها مستحقات سفر وتذكرة أن يكتب تقريره عن المهمة، لترفق ضمن الاجراءات الإدارية والمالية، كما لو كانت فاتورة للمصاريف، أو هكذا فهمت، وهذا أمر جيد واجراء ليس عليه غبار فيما لو كان الشخص منضبطا، وكصحفية ذهبت في مهمة لم أعد أذكرها الآن إلا كصورة مغبّشة، أعتقد أنها كانت لمصر، مانمشوش أبعد كما تعلمون، مصر حدّ العلم والمعرفة وحدّ الكورة الأرضية، المهم أيا كانت الوجهة ،استلمت بعد عودتي لأرض الزهر والحنة ،رسالة من الشئوون الأدارية ساعتها بشأن رحلتي الميمونه ،وهو كتابة تقرير عن سفرتي، وماذا كانت فحوى الرسالة في رأيكن/كم؟ كانت رسالة رسمية في غاية الصلافة وقلة الذوق وهى تأمرني بكتابة التقرير ،كما لو كنت في مهمة غير قانونية، أو سافرتها بالدرقة واكتشفوها، أو أنني سرقت النقود، أتذكر أنني استشطت غضبا وقمت بكتابة رسالة خطية،حملتها بنفسي للدور السابع، حيث يعيش ملوك المبنى ، خاطبت فيها جلالة الإدارة ،فكما تعلمون الشئون الإدارية التي يفترض أنها تعمل لتسهيل حياتنا المهنية ، تعاملنا كما لو كنّا عمال يومية لديها، وذكرت أنني أرفض طريقة مخاطبتنا كصحفيات وصحفيين، وأنه من الضروري أن تخاطبنا الإدارة بإحترام، ولكن وطبعا كما يمكن لأي شخص ليبي أهله وإن ضنّوا عليه كرام، تلقت الأغلبية الصامتة هذا الاحتجاج بالاستغراب الشديد، وكما العادة، لم يُلتفت لملاحظتي، بل وضحك ساعتها في وجهي مدير الشئون الإدارية فلان، وهز رأسه مستهجنا كما لو كنت ، أطلب التأمين الصحي لا سمح الله، والنتيجة أنني تجاهلت بدوري كتابة التقرير ، الأمر الذي جعلني في نظر الاجراءات والقانون، شخصية مخالفة وغير منضبطة، ومايمكن تسميته بالليبي، ندور في النشاف.

خارج الصندوق 

تعبير “خارج الصندوق” يعني التفكير بطريقة مختلفة وغير تقليدية، والابتعاد عن الطرق التقليدية في حل المشاكل أو تحقيق الأهداف. ويستخدم هذا التعبير في العادة لتشجيع الأفراد على التفكير بشكل إبداعي والبحث عن حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل التي تواجههم.هذا التعريف الذي صاغته مونيكا لمعنى التفكير خارج الصندوق ولكن ليس لمخترع هذا التعبير أي فكرة ، أن مشكلتنا في هذه البلاد أن الأغلبية من مواطنيها لا تعرف أنها في الصندوق من الأساس، 

فالصندوق ليبيا، لا تزال أقفالها معلقة على بيبان الحياة لناسها، ففي تأمل لا يتطلب منا شروط اليوغا، يمكننا ملاحظة السلاسل التي قيدت الجماهير السعيدة ،مازالت تشكشك إلى هذه اللحظة ،وتقفل على التغيير والحريات وتجمد الحياة السياسية، وتوقف الزمن عند 1973 ، زمن الثورة الثقافية، والتي كعادة الاستبداد من التلاعب بالكلام ليتلاعب بالعقول، إنما هى ثورة ضد المعرفة، وكما تعودت الأنظمة الشمولية القديم والحالي،تستخدم في شعاراتها المفردات الإيجابية بغرض تطبيق واقعي لعكسها تماما.

والحال على هذا الحال ، لن يكون سهلا ملاحظة عدم الاحترام في مخاطبة أجهزة الدولة لمواطنيها، ولا في مخاطبة الناس بعضهم لبعض، فالتأدب وفق سياسات الأعلى ،والتفوق، والقبيلة، والشريفة، والمنتصرة وفي عقلية المحسن، والمتصدق، والمّدين،  والمتعلم ،إنما هى مظاهر ضعف، ومسكنة، أو أن يتعرض صاحب اللغة المهذبة لسؤال: ليبية انتي؟ ليبي؟ في تناقض لافت عما يعتقد الليبيون في أنفسهم من طيبة وكياسة.

الفيل صاحبنا!

تعبير “الفيل في الغرفة” يعبر عن القضية المهمة التي يجب أن يتم التعامل معها، ولكنها تُغفل أو تُتجاهل بشكل غير مبرر.” 

مثل سائر العابرين لبلادات الناس في العالم الأول، رأيت هولندا في 2012، و 2013 بلدا جميلا وضاحكا، وشعبها يملأ المطاعم والحانات ليل السبت، بالهم مرتاح، ولاينتجون أغان عن الحرية والحقوق، لأنها واقعهم، ولكن كمقيمة كنت هجرت تصفيف الشعر والمقاهي، والأحذية بالكعوب العالية، والسواقة، والعمل الذي أجيده، وانضممت للفقراء الذين لم أرهم كسائحة وتلقيت المساعدة الادارية في اكمال اجراءات رسمية كأي شخص يرحم من قرّا و ورّا، وذلك من منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوقنا كأجانب ، مغطية بذلك الجوانب التي هى مكشوفة في النظام، ناهيك عن تلقي المساعدة المادية من البلدية التي زرت مبناها كسائحة مرة واحدة لأدفع فاتورة بقيمة 10أورو قيمة رسوم فتح مستوعب القمامة للمبنى الذي أقطن في شقة فيه كضيفة، فيما أدفع سنويا كمقيمة ومواطنة ماقيمته مرتب موظف على درجة اطناش في ليبيا، فالمملكة الشهيرة بالتوليب، وابتسامة فيليم الكسندر في المناسبات الرسمية كملك،والشهيرة بمقاهي الحشيش، وشوارع الرغبة، تعج أيضا بالمشاكل والتقصير وأخطاء الحكومة، والاضرابات ونقص في معلمي الابتدائي، ومشكلة ارتفاع أسعار العقارات، وتفاقم أزمة السكن، والتضخم ، ولكن كحكومة مسئولة منتخبة، ومحاسبة من قبل البرلمان ومراقبة من الصحافة،والمنظمات المحلية والناس، قد تستقيل حينما تكون فاشلة، أو يستقيل بعض الوزراء،على خلفيات فضائح تقصير أو فساد  وعلى الرغم من أننا كليبيين، لانختلف عن الناس هناك،ولدينا تلك المختنقات والمشكلات، وأحينا أقل ،غير أن لكن الفيل في الغرفة ليبيا، صاحبنا، يسكن معانا، وكل يوم حجمه يزيد، فيما تنكمش عضلة الحدقة لليبيين، على سبيل العادة، والنمط، حتى يقرر شخص ما، أن يفتح عينيه وينطر حيث الفيل ويسأل :علاش الفيل أهني؟ 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :