أغرم التي نعرفها لم تعرض على 218 !

أغرم التي نعرفها لم تعرض على 218 !

عمر الطاهر اللمتوني

لكوني احد سكان المدينة القديمة (آغرم ) و حيث أن كلمة آغرم التارقية تعني مدينة او تجمع سكني، وللوهلة الأولى حين وقعت عيناي على كلمة ( آغرم ) على شاشة قناة 218 الفضائية ، عنوان لمسلسل رمضاني يبث للسنة الثانية على التوالي ، انتابتني مشاعر الغبطة و الدهشة و الفخر و الاعتزاز لهذا المسمى ذي المدلول التاريخي و الحاضر الماضي في ذهني و روحي .

اصلي و جذوري. لقد سرت في جسمي آنذاك أحاسيس الفرح الطفولي النبيل .و إذ ذاك تابعت عيناي مشاهد المدينة القديمة بشغف و سابقت مخيلتي بدء الحلقة إلى ذلك الزمن البعيد القريب ، المنقوش في الذاكرة ، و اوغلت بي مشاعر التيه إلى أن شممت عبق التاريخ من بين ازقة المدينة و تراءت صور الحياة اليومية أمام ناظري لوجوه احببتها غيبها الزمن خلف سور البلدة حيث شيعناها فرادى على مر السنين الخالية شيخا بعد شيخ و جدة بعد جدة و أخوة و أصدقاء إلى مقبرة البلدة العتيقة.

توالت و تتالت صور عديدة للساقيات الصغيرات باوعيتهن الحديدية المثبتة على رؤوسهن دون ممسك آيبات من البئر عند طرف البلدة ، يلتحفن الحياء عند الممشى الضيق في الزقاق الطويل وخيل إلي انه تناهى إلى مسامعي صوت الأنقياء الصغار وهم يتلون قصار السور هناك في المحضرة بصوت جهوري رقيق حاد ، و آخرين في الجهة الأخرى يطلقون العنان لضحكات ملأى بالسرور و الحبور فتعم الارجاء.آغرم ، كانت الآمال كبيرة جدا و جدا ، و كانت وجوه الممثلبن عريقة جدا وجدا .كان كل شيء يبشر بنجاح منقطع النظير برغم مجيئه المفاجئ، برغم حضوره الأول.و لكن .

برغم احترامي للعمل كأول بادرة عظيمة لإبراز تاريخ أمة.و برغم الجهود التي بذلها ابطال المسلسل الكرام وكل الممثلين .برغم الخبرة الحديثة جدا لهم في التمثيل.

و برغم الفكرة التي حملها إخوتنا في الوطن مشكورين و طاروا بها إلى هناك يقاسون مرارة البعد عن الاهل و الديار.اياما وشهور و حاولوا ما استطاعوا ان يقدموا لنا شيئا نفخر به و نحن نعجز عن شكرهم.

و لكن نقول معاتبين كمتابعين تابعين للبقعة المباركة آغرم.نقول لم يكن آغرم بهاته الصورة من العنف و المؤامرات.لم يكن سكان آغرم مقطبي الجباه جاحظي العيون. لم يكن السحرة فيه يجوسون خلال الديار.لم يكن الجن يقاسموننا حياتنا لحظة بلحظة .كان آغرم ودودا لطيفا مليئ بالعواطف النبيلة ، جسدا واحدا و روحا محبة.

يتقاسمون الزاد فيما بينهم و شيوخا اجلاء يحملون كتاب الله و يدرسونه و متفقهين في الدين و علوم الحياة و تذخر صناديقهم الخشبية بالكتب المجلدة و المخطوطات القيمة و تعج شوارعهم بالرائحات جيئة و ذهابا ، يختلفن إلى البيوت في ودائد يتبادلها الجميع .للشيوخ و الأعمام و العمات و الخالات و الأخوة و الأخوات.

يتبادلون الأرزاق في تواد و تراحم .يعبرون عن حبهم لبعضهم للضيوف الغرباء بذلك و تلك .يفرحون معا و يحزنون معا .ذلك كان ( آغرم الذي نعرفه ، و ليس الذي شاهدناه.و اسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :