أما آن أوان الصمت ؟!

أما آن أوان الصمت ؟!

عفاف عبدالمحسن

للموت حرمة .. فما بالكم بالمغدورين .. كان الضجيج سيد الموقف حينها .. اختلط الماء الجاني بدموع المجني عليهم .. وعويل هدير البحر الغاضب ويتلاطم بقرقعة وميض يخترق الحجب ليفتت قشرة الطين الرطبة  يتوحدان بصرخات أم (ياجنيني) وشاب قبل ثواني الابتلاع يتشهد ويناديها كرضيع ضيع ثديها المشبع للتو ( سامحيني يام خليتك للسيل ) أواااه أي قلوب تحملون تحت اقفاصكم الحديدية هذه المنخفضة المرتفعة بصوت تنفسكم .. لرهبة الحدث سجدة بلا نفس .. تألم بلا أنين .. خوف بلا عيون مفغرة ترتسم في بؤبؤها سفينة نوح .. أيناها .. يبتلع الطوفان الصالحين والفقراء .. والشعراء .. وينحسر عن حسرة الضيعهم الشر فلا كانوا مرحومين ولا غدو شهداء .. العقل عقال العقل من الجهل .. فلما يستشري الجهل الآن .. أمات مع الياسمين وورق التفاح واصداء كهوف الجبل .. من فك عقاله فانكفأ بطمي الوادي المنسكب عرق الكادحين ومواويل الرعاة فتات اطفال ناموا يحتضنون أحلاما للغد وقاموا يتلحفهم ماء وصقيع ورجفات قلوب الأمهات ونثار دماء .. آن اوان الصمت خشوعا .. أشريك في احتفال الموت الجماعي أنت المختلي بصوت مطالبات واهية لاحتفالات الحياة ؟ أتهمك بالجبن وبالقسوة وبقهر المكلومين ووأد الأشلاء .. اتهمك بحنجرة تنبعث منها رائحة الطمع الدنيوي لوثت المشهد فتسمم فكر المتحدين على إنعاش الجثامين قبل مواراتها ثرى الأرض أن سيقسمون بلا ساسة وبلا تنويه في الشاشات ولا تدوين  في صفحات الأموات .. أن السيل الجارف كشف  عورات الممزوجين بنجاسة إبليس وحيث انهد السد صنعوا من قوافلهم على الدروب الوعرة سدا من حدها للحد سترا من قطعة ( جرد ) عمر المختار  يسترون عرض الأرض المتشبث طميها وقاع بحرها بأجسادهن وأجسادهم .. فطوبي لمن مر هادئا يلتمس غبارهم وطينهم سبيلا للجنة بينهم .. ولا عزاء للمتكالبين بفوح قذارات الإشباع الوقتي لغريزة الأخذ بلا حق وامتصاص ضرع الوطن حتى الرشفة الاخيرة ليتركه يبابا للقاصدين خيره .. طوبى للمطأطئين خجلا لقصورهم حياله بجهد ينبغي أن كان مبهرا صاعدا ولم يترك لهم المأفونين بخصال الجشع والعمالة والتذيل خيارا عدا شرف محاولة النصح قبل الحساب .. وتركوهم حين فشلوا ردعهم عن غيهم وغلقت الأبواب .. القميص شق من كل جانب وفي غياهب الجب حق هارب وسيصمتون يوما فالديان يمهل .. ألا تدس لنفسها السم العقارب .. والمتبشعون يغادرونها  مع آخر شعاع غارب يصرخون بالباطل حين تعم الظلمة .. وفي الصباح يعم الصمت المباح ليترك لهسات الطبيعة العائدة لتزهر وقتا للصمت لتؤدي على الغائبين العشقوا سحرها صلاة الغائب .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :