أمْنِيَةٌ بَعِيدَةٌ

أمْنِيَةٌ بَعِيدَةٌ

  • إيناس احميدة

توسدت يدها وامتدت على البلاط عند حافة الشرفة علّ نسمة تلفحها أو بصيص نور … غلفت العتمة المكان وانسدت أبواب السماء مانعة أي حركة للهواء عدا عن ذرات الرطوبة التي تتحول لقطرات لزجة حول عنقها والوجه لتتسلل بين كتفيها تاركة آثار الالتصاق على ثوبها الفضفاض والذي تستخدمه كمنشفة تمسح فيها آثار العرق حول صدرها …لم يجد النوم لها طريقا وإن أجهدت نفسها بحثاً عنه … تلمست ساقيها المليئتان بقرصات البعوض الذي لم يترك مكانا إلا وطمع فيه لكنها عادت وتلفتت نحو أطفالها الممتدين قربها بعد أن استسلموا تعباً وخيبة … انقطعت الكهرباء منذ ساعات النهار الأولى حاملة معها الكثير من الأمنيات والمهام المؤجلة … ليس أولها عدم قدرتها ولا أطفالها على الاستحمام فالمياه قطعت أيضا ولا آخرها “السلفة” التي فتحت أبواب بيتها لهم و صارت توارب هذه الأبواب … بعد أن ضاقت ذرعا من انتشارهم في شقتها منذ أكثر من شهرين وإلى مالا نهاية … حيث قرر كمشة من الهمج إشعال حرب لا حد لها أجبرتها وأسرتها على ترك كل شيء وراءهم هربا من قذائفها العمياء… أخذت سيارات الإسعاف في الصياح من جديد … كاسرة حالة السكون المصاحبة للظلمة … عادوا للاقتتال … لم تعد تبالي بمصيرهم كل ما تفكر به هو أن ينتهوا معاً وتتوقف الحرب لتتمكن و أطفالها من العودة لبيتهم .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :