سالم أبوظهير
قبل ان تنتهي سنة 2011م ، أنتهت أول خطوة من خطوات الثورة الليبية لتحقيق أهدافها التي لم يتم لحد الان تحديدها بشكل دقيق، من أي جهة أعتبارية ،كما لم تتحدد أهدافها بشكل أو بأخر من قبل من أشعل شرارتها الأولى ، كان هدفها الرئيسي وأن لم يعلن عنه بشكل رسمي هو أسقاط نظام معمر القذافي ، ولن ينس الليبيون ذلك الشاب (الاجدابي ) موجها كلامه المختلط بالدموع لرأس النظام (جايينك جايينك )
وبعد أن ارتوت ليبيا بدماء الكثير من الليبيين وصل الشاب ورفاقه لباب العزيزية ،وصفق العالم كله تقريبا ابهارا واعجابا للشعب المارد الذي خرج من قمقمه بعد أربعين عام ليعلن نهاية الظلم وبداية عصر جديد ، فقد سقط النظام ولكن ماذا بعد ؟ ماذا حققت هذه الثورة المباركة ، فباستثناء عامها الأول من عمرها ، لبست وتجملت وتعطرت البلاد، وعمت وبشكل عفوياً تقريبا مهرجانات الفرح في كل المدن والقرى الليبية ،حتى من بعض من كان مناصراً للنظام السابق ، خرج مصفقا مع المصفقين متلحفا علم الاستقلال المخطط بالوانه الجميلة ،ممنيا نفسه بعهد جديد أكثر جمالاً من عهدها السابق ، وأستمرت مهرجانات الفرح أياما وايام تغنى فيه الليبييون للثورة المجيدة ، ورقصوا ونظموا القصائد ورسموا اللوحات التعبيرية، وكان لابد لشهر العسل الثوري من أن ينتهي ،ولابد من التوقف عن الغناء والرقص كتعبيراً للفرح والابتهاج ، لينتظر المواطن الذي يكاد يموت فرحا نتائج الثورة الجديدة ، وينتظر مخرجاتها وتحقيق أهدافها بعد أن تحقق هدفها الأول والمهم .
من المفترض أن تنحسر طوباوية الثورة ويصبح الطريق مفتوحا على مصرعيه أمام تحقيق مايريده الشعب منها ، أقله أن تتحول ليبيا إلى دولة حقيقية تشارك بثقة في صفوف الدول الديمقراطية ، تصنع التقدم والتطور الذي كان الليبيون يحلمون به ، ويتحدثون عنه ، ويأملون حدوثه منذ زمن طويل ، وبرزت أمام الساسة والثوار وصناع القرار التحديات والاسئلة الصعبة المعقدة ، والتي يعرفها كل الليبيين الامن والامان ، جمع السلاح ، الدستور ، بناء الدولة ….الخ والتي لاتزال منذ سنوات عالقة ومعلقة على مشجب ليبيا حرة والخير جاي والمهم الطاغية مات …!!!!! بمعني أخر لم تنجح الثورة حتى الان ولم تحقق أهم أهدافها في بناء الدولة فما الحل ؟.
أعتقد أنه ولكي نبني الدولة ، نحتاج للقيام بثورة أخري ، نعم ثورة أخرى كاملة مكتملة لاينقصها شي ، تختلف عن ثورة فبراير ،في أنها لاتنادي بأسقاط النظام ، ونحن كلنا كليبيين ثوار في هذه الثورة ، نحدد أهدافها بدقة ونتفق عليها ، وليكن من أهدافنا جمع السلاح الذي نقاتل به بعضنا البعض ، ونمسك به بيد واحدة ونوجه ضد العدو المشترك الذي يتربص بنا ،ولايريد لنا الخير ، ونستورد سلاح أخرتحمله لنا بواخر من كل أقطار العالم المتقدمة التي تكره البارود ،وتصدر المعرفة والعلم والتقنية والنظام واحترام الوطن وتقديسه وحبه والخوف عليه وحمايته، وليكن هدفنا التأسيس لحياة جديدة مبنية على الحب والتسامح والعدل والمساواة ، وقبول الليبي الاخر ، وأن مصلحة البلاد التي تعيش فيها ونحبها جميعاً فوق مصلحة الجميع .
أن هذه الثورة السلمية،التي لاتحتاج منا الخروج للشوارع والهتاف بسقوط النظام ، أوالاستعانة بالناتو ،أو تسخير الاعلام لتحقق أهدافها، لانها ثورة قوية على أنفسنا ،لنغير مابداخلنا ،ونتطهر من الجشح والطمع والاتكالية ، لذلك ستكون قويه بالقدر الذي يكفي وزيادة ستكفي لاإصلاح ماأفسدته الثورة الأولى وستسيطر على هذا الحيوان البشري الذي افتك من عقاله عندنا، مستفيدا أو متجاهلا من ربكة واستغلال او حتى غياب الخطاب الديني المعتدل ، وما يحمله من أوامر ونواهي ، الامر الدي سبب أنتكاسة في أخلاقنا .
لذلك ومن خلال هذه التورة المهمة سنجتهد وبشكل مستعجل لننتج ناموس اخلاقي جديد علينا ،لكنه سائد ومعمول به في المجتمعات المتقدمة، ونكرسه بزيادة، حتى يقوم بضبط وتوجيه سلوك بعض ثوارنا الذين أمتطوا الثورة الأولى وتقاسموها ولتكن الثورة الجديدة معهم كما يفعل الاباء مع أبنائهم الصغار،الذين هم في خلاف دائم ولم ولن يتفقوا أبدا الا حينما يكتشفوا ويتاكدوا أن القارب يغرق .