مشكلتنا أننا في كل عام يأتينا رمضان ونحن غافلون، فنبدأ في الطاعة والعبادة من الصفر ثم نرقى شيئاً فشيئا، فلا نكاد نجد طعم العبادة وحلاوة الطاعة إلاّ وقد انقضى رمضان وانطوت صحائفه بما فيها من احسان المحسن وإساءة المسيء.. فنندم ونتحسر ونتألم ونقول: (نعوض العام القادم) ويأتي العام القادم فلا نكون احسن حالاً من سابقه وهكذا نظل الى ان نغادر الدنيا ونحن على حالنا فإلى المشتكى..! ولذلكم مجيء رمضان فرصة..! فرصة للمؤمنين، فرصة للمقصرين، فرصة للصالحين، فرصة للعقلاء.. ولا يعرف معنى فرصة إلا من يعرف معنى الموت وأن هذه الحياة لا أمان لها: كم أحزنت!! وكم أبكت!! وكم أفسدت من أسر!! وكم كانت سبباً في كل بلوى ومصيبه… ولذلك ونحن نداعب هلال رمضان ونتهيأ لوضع الأقدام على بساط شهر الصيام والقيام.
شهر البركات والخيرات، شهر الطاعات والعبادات، شهر الصلوات والدعوات، شهر النفحات و إقالة العثرات، شهر إعتاق الرقاب الموبقات، شهر الغنائم وشهر الكنوز، شهر الدعاء والسخاء، شهر الكرم والجود والعطاء، شهر الرحمة والشفقة، شهر الإحسان وزياده الايمان، شهر البر والصلة، شهر التقوى والصبر، شهر الجهاد ومجاهدة النفس، شهر مضاعفه الحسنات: الحسنة فيه بألف حسنة والفريضة تعدل سبعين فريضة، من تقدم فيه بخصلهٍ من خصال الخير كمن قدم فريضهً فيما سواه… نعم.. في الوقت الذي يطالعنا شهرٌ وموسمٌ من الخير جديد…
هذه العبادة القولية والفعلية والحركية والجهرية والسرية هناك سؤال يطرح نفسه: أيُ رمضانٍ يكونُ رمضانُك هذه المرة؟! هل هو رمضانُ المسوفين الكسلانين؟!
أم رمضان المسارعين المجدين؟!
هل هو رمضان التوبة.؟ أم رمضان الشِقِوة؟؟! هل هو شهرُ النعمةِ؟ أم شهرُ النقمة؟! هل هو شهر الصيام والقيام؟ أم شهر الأفلام والهيام؟!! هل هو شهر الذكر وتلاوة القرآن؟ أم شهر الموائد والسهرات؟؟! اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه واجعلنا من عبادك المخلصين.. اللهم ارزقنا صدق الصائمين، وإقبال القائمين وخصال المتقين، واحشرنا يوم النشور في زمره المنعمين، وبلغنا بفضلك ورحمتك درجات المقربين.