- قصي البسطامي
الكل يعلم أن إقليم فزان أحد اكبر الأقاليم الليبية الثلاث، و يقطن هذا الإقليم عدت قبائل عربية وبربرية وأفريقية حضر وبدو ، وتنتشر تلك القبائل العريقة في كل من سبها وبراك و أوباري والقطرون وغات والجفرة ومرزق، وكان هذا الإقليم الصحراوي في الماضي موطن لحضارة الجرمنت التي إتخذت من الجفرة عاصمة ومنطقة عبور وتجارة القوافل من المشرق إلى المغرب كما شهدت هذه المنطقة الفتوحات الإسلامية القادمة من الشرق، ويشهد هذا الإقليم أول فتوحاته في منطقة زويلة والعديد من المناطق الأخرى، كما شهدت فزان هجرة القبائل العربية لها بعد الفتح الإسلامي بما يعرف بتغريبة بني هلال وبنو سليم، وأيضا عودة بعض القبائل والعائلات العربية من المغرب الأقصى في الفترة التي سقطت فيها الأندلس،،،، ومن القبائل العربية المعروفة في فزان هي : أولاد سليمان والحساونة والقذاذفة والزويات والمقارحة إلخ ويقال ايضا بأن هناك هجرة قبل الفتوحات الإسلامية لفزان استوطنت بعض تلك القبائل العربية بما يعرف الان بمدينة سبها الذي اشتق اسمها من كلمة سبأ على إسم الحضارة العربية التي أقيمت في اليمن ، لقد إستوطنت القبائل العربية عدة مناطق كبراك الشاطي و سبها و الكفرة والجفرة منذ قرون وقد أصبحت جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الفزاني – وعلى غرار هذه التسمية التي تستهجنها معظم القبائل العربية إلا أنها تشكل عائق هوياتي داخل حدود الولاية – فبعضهم لا يرغب في أن ينتسب لهذا الاسم، ويرى بأنه يمثل طمسا لإسم القبيلة…..!! ،،، والأخر يرى بأن كلمة فزاني لا تمثل إلا السكان الأصليين وهم ما يدعون بالأهالي أو الفزازنة الذين يسكنون الأماكن الحضرية الريفية ويمتهنون حرفة الزراعة والفلاحة ولهم بيوت طينية متجاورة على غرار البدو قديما، يسجل التاريخ مدى الخلاف الذي كان دائر بين كل من الحضر – الفزازنة وبين البدو وربما كانت تلك المشاحانات هي بداية لإشعال نيران الكراهية التي حملت جزء منها للأجيال التي تليها، فالفزازنة أنفسهم ولك نكون منصفين لهم نظرة دونية إتجاه البدو وترى بأن البدو هم أناس غرباء لا موطن لهم…. ، بينما يرى البدوي أن الفزازنة بقايا وخليط من الأعراق يسكنون القرى والأرياف لايجيدون الا الزراعة ؛ وتختلف التعريفات العنصرية لكل من الحضري والبدوي فيما بينهم، ولكن ما نواجهه الأن في فزان هو نفور بعض القبائل العربية من كلمة فزاني….. ، وترى بأنها تمثل عارا عليها، والبعض الأخر يحسبها نعت الفزاني مذمة له فلا يشرفه أن تكون جزء من هويته الإقليمية، بالرغم من أن أجداده قد عاشوا فيها وحاربوا من أجلها طيلة قرون مضت ضد الاحتلال الإيطالي والتركي،، ان إهمال إشكاليات الهوية في فزان يؤدي بالفعل إلى إضعاف مركز الإقليم ويصبح عرضت للصراع بين القبائل بعضها بعضا ، بين كل حين وأخر ، وفي الجهة المقابلة يصبح النواب أو المنتخبين للبلديات من قبل أهالي فزان لا يؤدي دوره الوطني على أكمل وجه والأسباب معروفة ، فإشكالية وضعف الإنتماء لفزان لا تدفع به نحوى خدمة كل مواطن ليبي داخل فزان على غرار الشرقاوي والمصراتي ( ربما لو أخذنا الأمر كمقياس لمدى أهمية الإنتماء المحلي ) ، فيقدم المنتخب من قبل الفزازنة أنفسهم مصلحة الأسرة أو القبيلة والعشيرة على مصلحة فزان،،،، وعلى هذه الشاكلة التي نعاني منها، نواجه إلى اليوم تلك المشكلة ويرى بعض المنظرين أن عيب فزان في إقليمها الصحراوي ومناخها شديد الحرارة بالرغم من أن هذا الكلام لا يمثل أي إشكال ابدا ولا يعتبر إلا تحليل سطحي في قمة السذاجة ، فعمران المدن والقرى لا تخضع تحت سيطرت مناخ الإقليم ولنا في مدن الخليج خير مثال.
فلو كان مجلس أعيان فزان أن يهتم بإقليمه فعليه أن يعيد النظر في هذا الإشكال الهوياتي قبل الإهتمام بأخذ حصتنا من الثروة النفطية الموزعة،، فالذي ضيع النسيج الاجتماعي الفزاني وحول الأهالي والقبائل إلى شتات من الجماعات تنتمي إلى خارج حدودها الجغرافية هي الهوية الفزانية المذمومة من قبل أهالي فزان أنفسهم – فالطرابلسي والمصراتي والشرقاوي يفضل إنتمائه الجغرافي على إنتمائه القبلي ويرى في إسم المنطقة معزة ومفخرة أكثر من القبيلة بحد ذاتها، فأين المشكلة لو إفتخر المقارحة والحساونة والقذاذفة وبقية القبائل العربية في فزان بأنهم فزازنة أبن عن جد… ؟ أتساءل….!؟؟، ألا يكون هذا في مصلحة إقليمنا ألا يقودنا هذا إلى التخلي عن ما يفرقنا ويجعلنا تحت هوية محلية واحدة لها صوت واحد هو محاربة الفساد الإداري والمؤسساتي الناتج عن الإنتماء القبلي،، وتقديم مصلحة فزان على كل شي – إن الإهتمام بإشكالية الهوية الفزانية يقودنا وبشكل نسبي إلى القضاء على ألية الارتزاق القبلي أيضا والتي اعتادت منذ سنين على تهريب السلع والبنزين والأفارقة وبعض الممنوعات بطرق غير شرعية وغير قانونية عبر سيارات الدفع الرباعي – تنتهك القبائل حرمت حدود الدول المجاورة لها من الجنوب كتشاد والنيجر والسودان ومالي والجزائر دون أي إكتراث وسعيا إلى تقديم مصلحة القبيلة على مصلحة الأرض – إلى كل من يهمه هذا الشأن الخاص بكل فزاني وفزانية حضري أم بدوي عليه أن يعيد النظر في إشكالية الهوية المحلية لفزان، وعلى مجلس الأعيان أن يقدم هذا الملف للطرح ليكون بداية أول خطوة نحوى تحقيق نسيج اجتماعي فزاني متكامل تجمعه هوية محلية وانتماء إقليمي أرضي واحد موحد من الشرق إلى الغرب ….