سالم أبوظهير
فرغت قبل أيام من قراْءة كتاب عنوانه الرئيسي (نظرية الأتزانية فكر عام)، ويندرج تحت هذا العنوان الرئيسي عنوان فرعي مفصل (الإتزانية الفكرية سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية ) ،الكتاب تأليف الدكتورعلي الحبيب بوخريص، ومنشور في العام 2021م عن مؤسسة يسطرون للطباعة والنشر والتوزيع. وجاء الكتاب في 145 صفحة، ورغم خلوه من الهوامش والمراجع، لكن المؤلف برع في تقسيم الكتاب بشكل منظم مترابط إلى عشرين موضوع، مع مقدمة وموجز مختصر وخاتمة.
من عنوان الكتاب، توقعت أن ما سيقدمه المؤلف لن يبتعد كثيراً عن الأفكار الفلسفية والمثالية التي تستند على نظريات صعبة التطبيق، وقد جانبني الصواب فيما توقعت ، فالمؤلف أستند كثيراً في نظريته الاتزانية التي قدمها على خلفية دينية عميقة ،أعلن عنها بشكل صريح في مقدمة كتابه فقال أن “نظرية الأتزانية نظرية فكرية عربية مبنية على قيمة من قيم الدين الإسلامي ” والتي تتلخص في الآية التاسعة من سورة الرحمن ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ وعلى حديث شريف رواه ابوهريره رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (اتزن وارجح)
الكتاب جدير بالقراءة ورسالته واضحة ومفيدة لو تم تطبيقها، خاصة وان اهم شعاراتها ان لا إفراط ولاتفريط ،وان تطبيق العدل أساس سليم لبناء المجتمع، وأن أساس النظرية الاتزانية يكمن في ميزان العدل الذي يهدف لتحقيق الموازنة المستمرة من اجل ترجيح كفة تحقيق المنافع ودفع المضار . سواء على المستوى الشخصي لكل فرد في المجتمع او على مستوى المجتمع بأكمله.
الكتاب قدم نظرية الاتزانية الممكن تطبيقها في المجتمع المسلم، وتحمل النظرية قيم نبيلة وسامية ، ووضح المؤلف كيفية تطبيق هذه القيم ، وقد انتهج المؤلف في كتابة فكرة الانتقال من العام الى الخاص ، وانقل هنا بتصرف ماورد في الصفحة الثانية عشر من موضوع سمو الإنسانية فيقول ما معناه ” ان الإنسانية في حاجة للتوازن بين الروح والمادة، وبين المادة والمعنى ،وان العشوائية مصيرها الوصول للانتظام، والفوضى مصيرها الوصول الى الاستقرار ”
في النظرية الاتزانية مقولات لو طبقت بشكل موفق ، نقترب بشكل كبير من التأسيس لمجتمع مثالي الى حد ما ، وقد استند عليها الدكتور بوخريص وضمنها في الكتاب ، وأيضا فروع متعددة وشاملة تقريبا لكل مناحي المجتمع ، ولايتسع المقام هنا لمراجعتها والتفصيل فيها، لكن انقل بعض من هذه المقولات التي توقفت عندها وأعجبتني ومنها “ان التعددية الحزبية المتصارعة فاشلة مالم تتوافق فيما بينها على خطة إصلاحية واحدة ” ومقولة أن ” الملكيات العامة للدولة يجب ان تحفظ وتصان كالملكيات الخاصة تماما “
الكتاب متوفر في المكتبات الليبية، ومتوفر بنسخة الكترونية على الانترنت ، كتاب قيم ادعوكم لقراءته بهدوء واتزان.