صدقت “تانسو” وكَذَبَ “صموئيل”

صدقت “تانسو” وكَذَبَ “صموئيل”

صالح حصن

 “تُركيا جِسرٌ بين الغرب والشرق” هذا ما أورده الكاتب الصحفي “هنتينجتون” في كتابه الشهير “صدام الحضارات” نقلاً عن رئيسة وزراء تركيا “تانسو تشيلر” 1993-1996 و ألحقه بتهكم  و استخفاف مبيناً عدم منطقية مقولتها برغم أن هذه المقولة كانت شائعة بين أغلب السياسيين الأتراك. 

وقد بيّن”هنتينجتون” أن الخطأ يكمن في اعتبار الجسر كياناً مماثلاً لبقية الكيانات الحيوية الأخرى بينما الحقيقة أن لا كيان له فهو كنلة ثابتة غير حيوية تربط بين كتلتين حيويتين دون أن تُحسب على أي منهما.  كان مُحقاً انطلاقاً من وجهة نظره و تقسيمة للعالم إلى كُتلٍ حضارية ثلاث هي الشرق والغرب و الإسلام (او ورثة الإسلام). 

فتركيا كدولة انفصلت عن شعبها وتاريخها وإرثها الحضاري بعد الحرب العالمية الأولى لا يمكن وضعها ضمن أية فئة من الفئات الثلاث.  لكن التاريخ و حركة التاريخ لا تسير بحسب ما يخططه لها البشر أياً كانوا حتى لو كانوا من الناس الذين ينتمي إليهم “هنتينجتون” والذين رعوا و رسموا الدعايات لكتابه و جعلوا منه “كتاب العصر”.  “هنتجتون” وكثير من الكُتاب الذين نسميهم عالميين هم على اطلاع و متابعة لكل ما يدور في أروقة السياسة الغربية بزعامة أميركا وما يتهامس به الساسة

و صُناع الفِكر في دولهم المُهيمنة على العالم ثقافياً وفنياً و اقتصادياً وعسكرياً  ويسمعون البوح و الهمس واللمز منهم فهم منهم ويعلمون جيداً ما يكتبون و ما لا يكتبون و متى.  لذلك نحس نحن القُراء بأنهم فلتات وأن ما تنبأوا به هو ما يجري الآن.  وأضرب مثالاً في بلداننا المُتخلفة نعرف أن استخبارات دولنا تستخدم المنجمين ليقرأوا لنا المستقبل و يقولون ما يرضي استخبارات بلدانهم و يقبضون مقابل ذلك.  لا علينا ولكن كيف كذب “هنتينجتون” و صدقت “تانسو”؟.

عبر التاريخ عانت تركيا الويلات من حروبها مع روسيا في الشرق ومع النمسا و إيطاليا  في الغرب وها هي اليوم برغم انضمامها لحلف الناتو المنخرطة أكثر دوله في الحرب الروس_اوكرانية، تُصر على أن تكون الوسيط الوحيد الموثوق به في الحرب العالمية الثالثة بزعامة أميركا و روسيا. 

فهي الوحيدة التي تتفاوض مع و غالباً باسم المُجتمع الدولي بأسره و تحل معضلة توزيع انتاج الجبوب من مواطن انتاجها لبقية شعوب الأرض ولولى تجسير تركيا لتلك الحبوب لأصيب العالم بالمجاعة و لمات الملايين من البشر جوعاً ولقامت حروب بشأن الحصول على الغذاء. 

وغير الحبوب فتركيا هي المؤثلة الوحيدة لتكون الضامن لأي حل للموضوع الصِراع بين العملاقين النووين أمريكا و روسيا و الموكول إليها حل المُشكلة التي قد تدمر حياة البشر على الأرض.

أسميتها حرب عالمية ثالثة وهي كذلك فالحرب تكون عالمية إذا اشتركت في خوضها أقوى دول العالم على شكل تحالفات و ولاءات وهكذا كان الحال في الحربين الأولى و الثانية فلا استثناء يصح على الحرب الثالثة الجارية حالياً

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :