استقالة الملك إدريس عن الحكم
الموافق 4 أغسطس 1969 م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا وآله وصحبه أجمعين أم بعد يا أخواني الأعزاء رئيس وأعضاء مجلس الأمة ورئيس الحكومة الليبية :
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
أقدم لكم هذا الخطاب قائلا : من أنا قلدتني هذه الأمة الكريمة ثقتها الغالية بتبوئي هذا المقام الذي شغلته بعد إعلان استقلال بلادنا العزيزة ليبيا .
قمت بما قدر الله لي مما أراه واجب علي نحو بلادي وأهلها وقد لا يخلو عمل إنسان من التقصير شعرت بالضعف قدمت استقالتي قبل الآن ببضع سنوات فرددتموها فطوعا لإرادتكم سحبتها وأني الآن نسبة لتقدم سني وضعف جسدي أراني مضطرا الآن أقول ثانية أني عاجز عن حمل هذه الأمانة الثقيلة ولا يخفي أنني بليت في سبيلها خمسا وخمسين سنة قبل الاستقلال وبعده قد أوهنت جلدي مداولة الشؤون وكما قال الشاعر : سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا ابالك يسأم .. وقد مارست هذه القضية وعمري 27 سنة والآن في الثانية والثمانين ولله الحمد أتركها في حالة هي أحسن مما باشرت في بلائي بها فأسلمها الآن لولي العهد السيد الحسن الرضا المهدي السنوسي البالغ من العمر 43 سنة هجرية الذي يعتبر من اليوم الملك الحسن الرضا المهدي السنوسي الأول علي أن يقوم بعبئها الثقيل أمام الله وأمام أهل هذه البلاد الكريمة علي نهج الشريعة الإسلامية والدستور الليبي بالعدل والإنصاف فاعتمدوه مثلي مادام علي طاعة الله ورسوله والاستقامة وبعد اعتماده من مجلس الأمة يحلف اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة قبل أن يباشر سلطاته الدستورية وأني إن شاء الله عقدت العزم الأكيد علي اجتناب السياسة والله علي ما أقول وكيل ..
والذي اختتم به قولي بأن أوصي الجميع من أبناء وطني بتقوى الله في السر والعلن وأنكم جميعا في ارغد عيش وأنعم النعم من الله تبارك وتعالي فاحذروا من أن يصدق عليكم قوله تعالي : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) فالله الله مما يغضب الله وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان ولا تفرقوا قال صلّ الله عليه وسلم : لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجيب لهم ..
اليونان في 21 جماد الأول 1398 هجرية
الموافق 4 أغسطس 1969 م
محمد إدريس المهدي السنوسي
إعداد : فرج سليمان كبلان