الأزمة الليبية بين المسكنات والعلاج

الأزمة الليبية بين المسكنات والعلاج

  • محمد عمر بن اجديرية / رئيس تجمع ليبيا الامل

إن من ينظر إلى مشاكل ليبيا على أنها نقص سيولة أو الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي أو إنقطاع الماء، أو المخابز أو شح الوقود وغيرها من المختنقات المعيشية أو تغول المليشيات والتشكيلات المسلحة وسيطرتها وإحلالها محل مؤسسات الدولة، من يرى أن هذه هي مشاكل ليبيا لا يمكنه أن يساهم في تقديم حل يسهم في إنهاء الأزمة.هذه الأمور مجتمعة هي أعراض لمرض عام : – المرض هو: إنهيار الدولة كمؤسسات وأجهزة سيادية جراء تنازع الشرعية والصراع المسلح على السلطة والنفوذ بين الأطراف المتصارعة.- الأعراض هي: تردي الخدمات، نقص السيولة، إنقطاع الكهرباء والماء، تذبذب الإمداد بالوقود، الطوابير على المخابز والمصارف .. الإنفلات الأمني .. الجريمة المنظمة .. الفساد .. الهجرة غير الشرعية .. إنتشار المخدرات .. الإرهاب والتنظيمات الجهادية.. إنتهاك السيادة ..التدخلات الخارجية .. وجود مرتزقة .. التهريب .. المخدرات…..إلخ.من الناحية الطبية، المتعارف عليه تسكين الأعراض مؤقتا، والإنكباب على معالجة المرض المسبب لهذه الأعراض. لكن ما يحدث عندنا في ليبيا، أن الغالبية تجري وراء إيجاد حل للأعراض وتتجاهل المرض الحقيقي المسبب لهذه الأعراض مجتمعة.حل الأزمة الليبية يعني إختفاء وإنتهاء وحل جميع أعراض الأزمة التي تولدت عنها، إذن المنطق يقول بأنه ينبغي تركيز كل الجهود على العمل لإيجاد حل للازمة.متصدري المشهد جزء أصيل من المشكلة، ولا يمكنهم أن يكونوا جزء من الحل بأي حال من الأحوال، وطالما أن الشعب الليبي رضي بأن يتولى متصدري المشهد العام قضية التفاوض والتعاطي مع الأزمة الليبية فلن يكون هناك حل للمرض الحقيقي (إنهيار الدولة كمؤسسات وأجهزة)، وأقصى ما يمكن أن يصل إليه متصدرو المشهد هو تسوية سياسية لتقاسم السلطة فيما بينهم، مما يعني استمرار الأزمة بوجودهم هم في سدة الحكم.إن من يتنازعون على السلطة أقرب إلى العصابات منهم إلى تنظيمات سياسية تمارس السلطة حسب المتعارف عليه. لكن ما ينبغي أن نعيه جيدا أن صاحب أكبر قوة عسكرية في ليبيا (المشير حفتر) لا تعترف به دول العالم.. العالم يعترف ببرلمان طبرق والمجلس الرئاسي (حكومة الوفاق المنبثقة عنه) والمجلس الأعلى للدولة.قد يقول قائل أن الدول المتدخلة في الشأن الليبي “مصلحتها فوق بؤس الشعب الليبي” فهذا رأي لا يمت للسياسة بصلة، فلعبة الأمم هي لعبة مصالح، وكل دولة تسعى بشتى الطرق لتحقيق مصالحها ومع الطرف الذي ترى أنه يحقق لها مصالحها، والشعب وغيره من التعبيرات الفضفاضة والجميلة لا مكان لها في لعبة الأمم.إذن نحن كليبيين من وضعنا أسس وقواعد اللعبة، بأن تركنا مصيرنا في يد من يسميهم البعض بالعصابات أو المليشيات لتلعب بهم الدول الأخرى لتحقيق مصالحها على أرضنا.طالما أن الشعب الليبي (الغالبية الصامتة) مستكين وصامت وسلبي، فسيظل متصدري المشهد في الواجهة، وسنظل نكرر أزماتنا ونعيدها كل فترة بصيغ مختلفة.تجارب الشعوب من حولنا في القارات الخمسة ولسبعة عقود من الزمن، تقدم الدليل الذي لا تجدي حياله المكابرة، بأن الحروب الأهلية والتقاتل بين الفرقاء المحليين وتنازع الشرعية لا ينتهي إلا بهبة شعبية عارمة ذات نسق تصاعدي منظم ومخطط له وبطريقة سلمية لا عنف فيه، يتسم بطول النفس وتزايد وتصاعد الزخم، أما خلاف ذلك فهو مسكنات للأعراض دون معالجة المرض الحقيقي.بعض الوطنيين الليبيين الرافضين لكل اشكال الحروب والاقتتال بين الليبيين، يسعون بجهد فردي لحل الأزمة، لكن بطرق تفتقر إلى الفعالية والتأثير، من هنا وجب على الخيرين من أبناء هذا البلد أن تنسق بينها وتتواصل لتوحيد الجهود ولإيجاد طرق فعالة ومؤثرة لتحقيق الغايات والمستهدف من حل لأزمة ليبيا.قد تكون المخاطر جدية وموجودة، لكن بالعمل المنظم سوف تتضاءل تلك المخاطر حد تحييدها وغياب أثرها.حفظ الله ليبيا من كل مكروه


شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :