محمود عطية أبوزنداح. asd841984@gmail.com
أحس بنوع من الضيق والألم عندما أسمع أن مواطنا يستجدي حقوقه المشروعة ، كنت على وشك أن تدمع عيناي عندما سمعت تلك المرأة التي تتكلم بحرقة و ترتجف وأنا أعتصر أحاول سماعها عبر الراديو، صوت ضعيف تحاول أن تخفي ألمها بكلمات بسيطة قالت إنها تحصلت على شاحنة إسمنت 2018 من مصنع زليتن، هي أم لأطفال أيتام وتعاني أمراضا خطيرة جدا تهدد حياتها .
طرقت أبوابا عديدة ولكن القصور العالية لا تسمع طنين النحل الذي يعطينا العسل وننهي حياته بقلاع.
يوم عن يوم ينكشف حال زليتن الغنية برجالها الأعفاء وبأهلها الأعزاء، تنتصر إدارة المصنع الإسمنت إلى الشريك ( المصري والسوري) إيرادها السنوي الضخم يصل إليهم عن بعد آلاف الأميال وينتهي الموت بالأجل المحتوم لمن يقم تحت سقف المصنع، عائلات تعاني الغبار والأمراض والأوبئة وكل الأخطار المحدقة بزرعها وحيواناتها، نزع ملكية العقار في دولة المظاليم يتم عن طريق جرة قلم أو ما يسمى قرارا، ينتهي حالك في لحظة وقد ترفع الأدرينالين لديك وتقرر الذهاب إلى المحاكم وأموال وسنوات والمصنع لم ولن يتوقف عن ضخ الأموال للأجانب والأمراض للمواطنين.
كم من مرة يحس المواطن بأنه غريب في وطنه حقير في حياته ولكن لم يتخيل أن يصبح محاربا في هوائه وبيئته وتحت سقف منزله الذي يهتز صخبا عند انفجار أول جبل بالديناميت، حياة قاسية مرعبة حتى يأتي ذلك الصيف الحار وينقطع الكهرباء عن الناس جميعاً ومع انقطاعه تكون لحظة الأنفس عند الأطفال و بالأقسام الأخرى بالمستشفى الوحيد والمصحات، تلك حلقة أخرى لا يعرفها أصحاب المعالي والكراسي ، حينها يكون مصنع الإسمنت في أوج إنتاجه الكهرباء لن تنقطع عليه وتحمل باقي الأحمال على الشبكة العامة والأنكى أنها بدون سداد الفاتورة لحقبة زمنية غابرة أقسى من غبار المصنع المميت.
هل بعد هذا نستطيع أن نقول لماذا الشريك المصري لا يقف عن ضربنا بالصواريخ الحربية والسياسية، ويخرج علينا أحد المحللين بأن الجهات العامة لا تخسر!؟
كيف تخسر وهي ممولة بالكامل من خزينة الدولة ولا تدفع شيئا للدولة وهي خائنة وسارقة لأموال الدولة لأنها أدخلت شريكا أجنبيا لا يدفع شيئا ولم يشارك بإبرة كيماوي لأحد المرضى.
إحصائيات الأمراض الخطيرة في تزايد، غسيل الكلى أصبح أضعافا مضاعفة ، أمراض العقم وعلاج السكري مرتفع جدا، لا حكومة ولا مركز ولا إحصائيات ، هي دولة تجد أمامها إبريق ماء كان أو نفطا أو كثبانا تعلن السيطرة عليها باسم الدولة فقط، كانت خيمة فأصبحت عمارة ولكنها تدار بعقلية صندوق الخيمة، لن نجد إحصائيات سنوية عن عدد المصانع والغاز ونسبة الأرباح والخسائر والداخل والخارج من خزينة الدولة ومن مات ونسبة الأمراض وطرق العلاج!
وكيفية الوقاية ومن يشارك في العلاج….إلخ
علينا أن نفتح دفاتر النجاح والإخفاق فإذا كان مصنع الإسمنت في ظاهره يحقق أرباحا هائلة لنا وللشريك الأجنبي فيمكن أنه يحقق أكبر خسائر بحسبة فقدان أرواح المواطنين وأيضا ثمن علاجهم من الأمراض الخطيرة نتيجة تلوث هذه المصانع.
زد على ذلك يأتي يوم والدول الغربية تفرض ضريبة عالية على الدول المصنعة بسبب ارتفاع التلوث، أخطار كثيرة وأسئلة عدة دون جواب.
تبقى الحقيقة أنني قد زرت المصنع مع خبراء وكان التقرير الأولي أن المصنع يعمل بدون ( صفايات هواء) وأوصي بغلقه وإلى اليوم يشتغل …. وهواء يبقى وهواء يذهب وكل نفس ذائقة الموت.