أ_ عيسي رمضان
للأخلاق في الإسلام مكانة عالية، لأنه دين الأخلاق الحميدة والآداب الرفيعة، وقد مدح القرآن الكريم خلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ “، وقد بين رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكانة حسن الخلق بقوله: ” الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ” فجعل جميع خصال الخير في الالتزام بالأخلاق الحسنة. وإن كان لا يقبل سوء الخلق من آحاد الناس فكيف بمن هم في مقام القدوة لغيرهم كالخطيب والوعاظ.
ويشتمل حسن الخلق على الصفات الكريمة والأخلاق الحميدة وهي كثيرة منها: الصدق: إن كان الإيمان لا يجتمع مع الكذب فهل يصلح للخطابة والوعظ من لا يتحلى بالصدق. ونلمس مدح الصادقين في حديث: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا… “.
الحلم: وهو يؤدي إلى عدم التسرع و سعة الصدر والعفو عن المسيئين في حدود رضى الله تعالى، فيقول الحق سبحانه وتعالى: “ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ “. وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم صفة الحلم في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: ” إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ “.
التواضع: ويجعل يتصف بصفات اللين والرحمة والشفقة على المساكين والضعفاء، فيصبح رقيق القلب. وقد شجع القرآن الكريم على هذه الخاصية فنجد ذلك في قول الله تعالى: ” وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وغير هذه الخصائص كثير.
رابعاً : أثر الخطابة والوعظ في تعزيز الأخلاق الكريمة
يجب على الخطيب والواعظ أن يبثا في الناس أخلاق الإسلام كلها مع التركيز على ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم وما يحتاجون إليه دائماً مع ما في الالتزام بها من مشقة، بحيث يقنعهم بأن هذه الأخلاق فيها خير كثير لهم ، فقد أخذ بهذه الأخلاق المسلمون الأوائل فأصبحوا سادة الدنيا، واليوم يسبقنا غير المسلمين – مع أننا أولى منهم بالتمسك بها – بسبب التزامهم بهذه الأخلاق الكريمة، ومنها:
الحكمة: وتعنى وضع الشيء في مكانه المناسب، ونجد أهمية الحكمة للخطيب والواعظ في قول الله تعالى عن سيدنا داود عليه السلام: ” وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَءَاتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ” التعاون: يحث الإسلام على تعاون المسلمين بينهم لأهمية ذلك على تيسير حياتهم بعد رضوان ربهم عليهم، وللنظر إلى حديث: ” تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى “.
• مساعدة الآخرين: المسلم الحقيقي يحب مساعدة الآخرين، ويسعي دائماً لما فيه مصلحتهم بعد مصلحة الإسلام. ونجد ذلك في توجيهات السنّة النبوية في الحديث: جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وفيه يَقُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “… مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ “. وبالإجمال يدعوا الوعاظ إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، والمحافظة على الجيران وحفظ أسرارهم، والكثير مما يدخل في تزكية النفس ومحاسبتها وتطهيرها
إن التزام الخطيب ينعكس إيجاباً على كلامه والعكس صحيح، فما لم يكن هو ملتزماً بالفضائل والأخلاق الكريمة، مجتنباً لكل ما يدخل في سوء الأخلاق فإن كلماته ستصب غالباً في خانة عدم القبول بل سيكون فتنة للآخرين يحتجون بفعله على عدم صلاح الفكرة التي يدعوا إليها وربما يرفضها البعض لأجله هو. فمثلً: ما معنى أن يدعو الخطيب للمحافظة على الجماعة؟ وهو لا يفعل ذلك، أو يأمر بصلة الرحم وهو قاطع لرحمه، أو يدعو للتسامح وهو حاقد، وما معنى أن ينهى عن الربا، والناس يعلمون أنه يتعامل. أو يأمر النساء بالستر وأسرته على غير ذلك. ولقد روي أن الإمام الحسن البصري ظل سنين لا يخطب عن الزكاة لأنه لا يملك ما يزكيه حتى إذا ملك زكّى وصعد المنبر وخطب عن الزكاة. وخلاصة الكلام أن على الخطيب والواعظ حسن المعاملة والصبر على الآخرين والاستغناء عما في أيديهم. كما لا ننسى ما استجد من أخلاق وآداب عصرية ترتبط بالتطور العلمي، مثل: استخدام الجوال …إلخ.