- المستشارة القانونية : فاطمة درباش
جميع الدول مارست الاحتجاز التعسفي. وهي ممارسة لا حدود لها إذ يتعرض آلاف الأشخاص للاعتقال التعسفي سنوياً. وحيث أن الاحتجاز في حد ذاته لا يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، سعى القانون الدولي تدريجيا إلى وضع الحدود التي بتجاوزها يصبح الاحتجاز -سواء الإداري أو القضائي- تعسفيا.
فمصطلح الاعتقال والحجز التعسفي تعبر عنه عملية اعتقال أو احتجاز الأفراد في قضايا بحيث لا يكون هناك أي دليل أو اشتباه بقيامهم بأي عمل يخالف القوانين النافذة المحلية أو لم تكن عملية الاحتجاز جزءا من العملية القانونية. تكون على الأرجح مثل عمليات الاعتقال تلك نابعة من تعسف أو لا منطق يحكمها.
يميز القانون الدولي التقليدي بين الاحتجاز والاعتقال: فالاحتجاز هو إجراء يحرم الفرد من حريته ويتمّ وفقًا لقرار صادر عن جهة قضائية لأسباب جنائية أو إدارية. والاحتجاز لأسباب إدارية أو أمنية يسمى عادة ”اعتقالا“ وتقرره هيئات إدارية أو أمنية. وقد يحدث في أوقات السلم بل يحدث أيضًا في أوقات النزاع المسلح.
كما يشمل مفهوم ‘التعسف’ اشتراطين معاً هما أن يكون اللجوء إلى شكل من أشكال الحرمان من الحرية وفقاً للقوانين والإجراءات المعمول بها وأن يكون ذلك متناسباً مع الغاية المتوخاة ومعقولاً وضرورياً.
فجزاء التعسف في استعمال الحق وفقاً للقانون ،وجزاء التعسف في استعمال الحق قد يكون جزاءً وقائياً وذلك إذا ظهر التعسف في استعمال الحق بصفة واضحة قبل تمامه، فيُمكن منع صاحب الحق من هذا الاستعمال التعسفي. أما في حالة حدوث التعسف فعلاً فإنِّه يحكم على المتعسف بالتعويض لصالح المتضرر، كما قد يلزم كذلك بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكناً.
والفرق بين السجن والاعتقال يتجلى في أن السجن هو إجراء سالب للحرية يتم تنفيذة بناء على حكم قضائي وهو العقوبة المقررة للجنايات وتتراح مدته من 3سنوات حتى 15 سنة ،أما الاعتقال هو أيضا إجراء سالب للحرية ولكنة إجراء استثنائي لأنه صادر بناء على أمر من الجهة الإدارية.
ويُعتبر الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي للرعايا الأجانب بهدف إجبار دولة أجنبية على القيام بفعل ما أو ممارسة ضغط عليها مخالفاً للقانون الدولي، ويضر بالعلاقات الدولية، وله أثر سلبي على الرعايا الأجانب الذين يسافرون أو يعملون أو يقيمون في الخارج.
عرفت منظمة العفو الدولية الاعتقال التعسفي بأنه يعني اعتقال أشخاص دون سبب مشروع أو دون إجراء قانوني.
فأثبتت الدراسات بأنه يتم احتجاز آلاف الأشخاص تعسفياً كل عام بسبب ممارستهم حق من حقوقهم الأساسية التي تشمل، على سبيل الذكر لا الحصر، حرية الرأي والتعبير، أو الحق في مغادرة بلدانهم، أو لأنهم سجنوا بدون أن تحاكمهم سلطة قضائية مستقلة.
أنشئ فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في 5 مارس آذار1991، بمبادرة من فرنسا التي ترأسته من عام 1991 إلى 1997، بموجب القرار 1942/91 للجنة حقوق الإنسان، وهو يتألف من خبراء مستقلين. ويجتمع الفريق ثلاث مرات كل سنة ويجري زيارات ميدانية للتحقق من ادعاءات الاعتقال التعسفي، ولاسيما في الحالات التي ترفع إليه في إطار “إجراء الاستجابة العاجلة”.
فطبقاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةفإنه “لا يجوز حرمان أحد من حريته، إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه، ومن يتم اعتقاله يجب إخطاره وقت الاعتقال بأسباب القبض عليه وأن يُخطر فوراً بأية اتهامات موجهة ضده، فيحظر القانون الدولي الاعتقال والاحتجاز التعسفي، وبحسب فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، فإن الاحتجاز يُعد متعسفاً إذا لم تعرض السلطات أي سند قانوني سليم يبرر الحرمان من الحرية. والحرمان من الحرية ينجم عن ممارسة حقوق أو حريات محمية مثل حرية المعتقد أو حرية التعبير، أو حين تكون انتهاكات معايير المحاكمة العادلة الدولية واسعة، مما يعطي الحرمان من الحرية صفة التعسف.
ولأن حياة الإنسان وحريته حق لصيق به كبني آدم ،فالمطالبة بهذه الحقوق جزء لايتجزأ من آدميته ،وتعزيزها بالتوعية بها وبيان المواثيق والقوانين التي كفلتها ،تشهد بلادنا حملات مماثلة للأسف من أبناء الوطن ، والمهاجرين كذلك ،وسط صمت محلي ودولي واضح.