بقلم :: إبراهيم عثمونة
قبل يومين دعتني لحضور جلسة ثقافية في أروقة صحيفة فسانيا ، وصباح أمس الخميس وجدتُ في بريدي الخاص طلب منها بأن أجلب لها معي غَرفة أو حفنة من تراب القرية ، فـ “سليمة بن نزهة” التي احدثكم عنها رغم أنها تسكن المدينة إلا انها قروية الهوى . حملتُ طلبها وخرجت من البيت وملأتُ التراب في علبة لكنني وصلتهم متأخراً ، فالمسافة بين سمنو وسبها أكثر من 60 كيلو متر ، وسرعتي كانت بمستوى كمية الوقود في خزان السيارة ، زد على ذلك أنني بعد منتصف المسافة ورد على بالي أن استبدل تراب القرية بشيء آخر أظنه أطيب ، وأظنه أنسب حتى وإن ظنه البعض اقل عراقة من التراب.
فعدتُ واستبدلتُ التراب ، ووصلتهم متأخراً ، واعتذرتُ منهم وفي يدي زجاجة مملوءة بهواء سمنو كما تظهر في الصورة.
لم تسألني عن التراب فأنا كنتُ أعرف أن هواء القرية النقي أَحب لها حتى من الخبز حين اخذتْ مني الزجاجة وفتحتها ووضعتها على الطاولة أمام الكل . أشارت لهم على الزجاجة وطفقت تشرح عنها كما لو أنها عالمة من علماء البيئة . كنتُ أعرف أن رؤساء تحرير الصحف كما المخرجين يعرفون كل شيء ، لكنني ما كنتُ اعرف أن زجاجة واحدة من سمنو قد تساوي 500 زجاجة من سبها.
انتظرتُ عالمة البيئة هذه حتى انتهت.
ثم أخبرتهم أنني سوف أجلب الهواء وأبيعه في سبها . سوف أستأجر خزانات كخزانات الوقود وأنشرها في شوارع سبها تبيع الهواء للناس ، ولو نجح المشروع فقد أتعاقد مع كبرى شركات النفط لتقيم لي خزانات هواء أرضية كخزانات طريق المطار بطرابلس ، ومَن يدري أن لا أنشئ بعدها شبكة انابيب كشبكة المياه إلى داخل البيوت السبهاوية . كنت واقفاً أشرح لهم عن مشروعي الذي تشكل في لحظات ، وكانوا ينظرون لي بصمت ، في حين بادرت سليمة ووعدت بفرد الصفحة النهائية من صحيفة فسانيا لنشر دعاية كافية عن فكرة تجديد هواء سبها الذي لوثته القمامة والبِرك السوداء والهجرة السوداء والسيارات المعتمة ، وحجز الحاضرون كميات ، بعد أن عبق المكان هواء الزجاجة النقي ، كميات بعبوات مختلفة ، ولا أعرف ما مدى الإقبال الذي سيلقاه هواء سمنو لو حدث وعرضته للبيع في سبها . فالبعض رأى أن الزيادة السوداء مع القمامة في شوارع هذه المدينة هو فعل سيعمل على تسويق الهواء النقي ، بل أن هناك مَن وصف مشروعي بعمل إنساني نقي لإنقاذ الناس المختنقة ، وباختصار خرجتُ من خميس فسانيا وعدتُ إلى سمنو وباشرتُ بتعبئة أول خزان..