التدريس بالفصحى في المؤسسات التربوية والتعليمية : قراءة في المادة رقم (4) من القرار (1013) لسنة 2022م الصادر عن مجلس الوزراء

التدريس بالفصحى في المؤسسات التربوية والتعليمية : قراءة في المادة رقم (4) من القرار (1013) لسنة 2022م الصادر عن مجلس الوزراء

الحقوقي : أحمد بيوض    

بالكاد نجا “كِنان” من الموت عندما سقطت قذيفة على قريتهم في إحدى أرياف مدن المشرق العربي، تضرر ملحق منزلهم بسبب انفجار شديد، قررت عائلة كنان مغادرة المكان، و ربما إلى بلد آخر، بعد بضعة أشهر بالفعل، وصلوا لليبيا، كانت ليبيا بلداً عربياً أصيلا و متمسكا بدينه الإسلامي، مفضلاً عند والد كنان .

دخل كنان إحدى المدارس الليبية، كان في بلده الأصلي طالباً متفوقا، لكنه عانى مؤخراً من صعوبات في التعلم، علاماته المدرسية بدأت في التراجع، بالرغم من سيرته الذاتية الدراسية المشرفة

كانت اللهجة التي تدرس بها بعض المعلمات الكريمات هي العائق أمامه، تحتفظ اللهجة الليبية بمكانة مميزة بين اللهجات العروبية – بشهادة الأشقاء العرب – كونها “جميلة وفصيحة” لكنها تظل محكية شعبية ليس أكثر، أي لا ترتقي لتكون معيارية، بعبارة بسيطة؛ ليست لغة علوم لتعتمد في المؤسسات التعليمية كلغة تدريس.

هذا الطالب عانى من عدم تقيد المعلم بقرارات المشرع الليبي؛ بضرورة التدريس باللغة العربية الفصحى في المؤسسات التربوية و التعليمية، و ذلك انسجاماً مع المادة ((4)) من القرار ((1013)) لسنة 2022م، الصادر عن مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، حيث جاء نص المادة المذكورة كالآتي :

” اللغة العربية؛ هي لغة الدراسة بالمؤسسات التعليمية، و يجوز تدريس لغات أخرى كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك ” .

بقراءة بسيطة لنص المادة المذكورة أعلاه، فالمشرع واضح جداً هنا، التدريس أولاً؛ يجب أن يكون بـ لغة، لا بالمحكيات الشعبية (أي ليس باللهجات العامة)، حتى و إن جادل البعض، كون لهجتنا العزيزة، فرع من العربية، لكنها تظل غير معيارية.

في طفولتي؛ أذكر أنني كنتُ ضيفاً – أنا و والدي العزيز – في فرح اجتماعي، و كان هناك شاعر أثرى الاحتفال بقصيدة شعر شعبي، للأسف لم أفهم منها إلا القليل، بالرغم من أن هذا الشاعر؛ ليبي الجنسية، ابن بلدي، ويسكن مدينة لا تبعد عن مدينتي إلا 70 كيلومترا تقريباً، غير أنني أفهم بسهولة قصائداً” لمحمود درويش” على سبيل المثال، درويش؛ من بلد عربي آخر، و بلده في قارة أخرى، لكنه كان يلقي قصائده باللغة العربية الفصحى.

إن نص المادة ((4))؛ يُشير إلى التدريس بلغات أخرى، إن اقتضت الحاجة لذلك، و هنا تأكيد على مفردة ” اللغة ” أي “لسان و أبجدية بمعايير علمية” أي إشارة إلى جواز تدريس مادة اللغة الإنجليزية في المدارس أو اللغة الفرنسية على سبيل المثال، هذا إضافة للعربية الفصحى طبعاً، ما ينطبق على اللغات المعيارية لا ينطبق على المحكيات المحلية، كاللهجة الليبية و السورية، و المصرية مثلاً.

من هذا المنبر، و مع بداية العام الدراسي الجديد؛ نوجه دعوةً للمعلمين و المعلمات و مديري المدارس على ضرورة الالتزام باللوائح التي وضعها المشرع في مجال التربية و التعليم بشكلٍ عام، و الالتزام بنص المادة ((4)) للقرار ((1013)) لسنة 2022م، و الصادر عن مجلس الوزراء بشكلٍ خاص، بما يحفظ حقوق الطفل، و القصد منه العمل بمعيار داخل الصفوف المدرسية، منصف للجميع.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :