المستشارة القانونية : فاطمة درباش
تحدث جريمة التستر يعلم بأن أحد الأشخاص ارتكب إحدى الجرائم كالسرقة أو ترويج المخدرات أو إحدى الجرائم الإرهابية، وساعده في التستر والهروب من وجه العدالة. ولا تقوم جريمة التستر إلا إذا قام الفاعل بأعمال مادية تؤدي إلى عرقلة السلطات المختصة في الوصول إلى الجريمة، أو كشفها أو إلقاء القبض على المجرم.
تتكون جريمة التستر على المجرم من ثلاثة أركان رئيسية: الركن المادي وهو الفعل المادي مثل إخفاء المجرم أو الأدلة، والركن المعنوي ويشمل القصد الجنائي والنية الجرمية للمتستر، والركن الشرعي والذي يعني وجود جريمة أصلية قد ارتكبت بالفعل.
فالركن الأول يتمثل في الركن المادي (الفعل)وهو الإتيان بأعمال مادية تهدف إلى مساعدة المجرم على الهروب أو إخفاء الأدلة. تشمل هذه الأفعال: إخفاء شخص مجرم أو توفير مأوى له، والتلاعب بالأدلة أو إخفائها.كذلك تقديم معلومات غير صحيحة للسلطات بهدف تضليل التحقيقات.
أما الركن الثاني فيتمثل في المعنوي (النية) والتي تعني أن المتستر قام بالعمل عن قصد وإرادة. يتضمن ذلك القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة المتستر إلى إحداث نتيجة التستر، مثل مساعدة الجاني على الفرار من العدالة،النية الجرمية وهي العلم بأن الأفعال التي يقوم بها تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، ومع ذلك يستمر في ارتكابها.
أضف لذلك الركن الشرعي (وجود جريمة) حيث يجب أن تكون هناك جريمة أصلية قد ارتكبت من قبل شخص آخر قبل أن يمكن اعتبار فعل التستر جريمة. لا يمكن التستر على شخص لم يرتكب أي جريمة.
ففي القانون الجنائي تُعتبر شهادة الزور (أي الكذب على المحكمة، بدلاً من رفض الإجابة على الأسئلة) جريمةً في جميع الأنظمة القانونية تقريبًا. وبالمثل، تُعتبر عرقلة سير العدالة ، أي نشاط يهدف إلى التستر على جريمة أخرى، جريمةً بحد ذاتها في العديد من الأنظمة القانونية.
التستر على جريمة في القانون الليبي جريمة يعاقب عليها القانون، حيث يعتبر كل من يساعد أو يعين على إخفاء أو فرار مجرم يعتبر شريكاً ويعامل بنفس عقوبة الفاعل الأصلي. كما أن الامتناع عن الإبلاغ عن جريمة، مع إمكانية القيام بذلك، يعاقب بالحبس وغرامة، إلا في بعض الحالات الاستثنائية مثل العلاقة الأسرية.
فالتستر على الجريمة في الفقه الإسلامي محرم شرعاً لأنه يُعد تعاونًا على الإثم والعدوان، ويرتكبه المسلم بتغاضيه عن الجريمة أو مساعدة المجرم على الفرار. ويحظر هذا التستر لأن من شأنه أن يشجع المجرم على الاستمرار في جرائمه، ويعتبر ظلماً ضد المجتمع الذي يقوم على العدل. وقد ورد النهي صراحةً في القرآن الكريم: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”.
وللتستر صور عديدة فمن صور التستر الممنوع كالتستر على المجرم: وهو الفعل المباشر بتغطية حقيقة الجريمة عن الجهات المختصة، أو مساعدة الجاني على الاختفاء،كذلك السكوت عن الجريمة: عدم الإبلاغ عن الجريمة، خاصة إذا كان لها أثر كبير على المجتمع، مثل جرائم المخدرات التي تهدد الشباب وأمن المجتمع.
وأيضا من صور التستر، التستر غير الممنوع ويكون بالنصح والإرشاد: في بعض الحالات، قد يكون بإمكان الشخص أن يقوم بنصح المجرم وإرشاده لترك الجريمة، إذا لم تكن الجريمة خطيرة وكان هناك توقع بأن يستجيب للنصح. وهذا لا يُعد تسترًا ممنوعًا، بشرط ألا يكون المجرم تاجر مخدرات أو يهدد أمن المجتمع.
بالتالي تختلف عقوبة التستر حسب خطورة الجريمة ومدى المشاركة فيها، وتشمل عقوبات مالية وسجن تصل إلى السجن المؤبد أو المشدد، اعتمادًا على حكم الجريمة الأصلية.














