الحياة في شدق والموت في شدق

الحياة في شدق والموت في شدق

بقلم :: عبد الرحمن جماعة 

الحياة في شدق والموت في شدق، كلمة يقولها الليبي عندما يفرح في زمن الحزن، وعندما يضحك في وقت البكاء، وعندما ينتزع لحظة صفاء من بين ثنايا الكدر , هما شدقان لا غير.. شدقٌ للحياة.. نمضغها ولا نستسيغها، نلوكها ولا نتلذذ بها، نبتلعها ولا نهضمها و شدقٌ للموت.. يقطعنا بثناياه، ويمزقنا بأنيابه، ويهرسنا بأضراسه. هنا.. يُوجد إنسان بائس يستغفر الله إذا ضحك من قلبه وبكلا شدقيه.. لكنه لا يستغفر إذا عبس في وجهك! هما شدقان لا غير.. شدقٌ نفخته الهموم حتى صار كشدق زمَّار تعيس، لا يُفرحه العرس، ولا تطربه أنغام مزماره، ولا يُسعده تصفيق الحاضرين ولا رقصهم، وإنما يُفرحه ويُطربه ويُسعده ما يقبضه من أجر و شدقٌ ضامر يابس مفشوش مضمحل، نهرب إليه بين الفينة والأخرى لنبحث فيه بالمجهر عن حبات سعادة، أو ذرات فرح، أو بقايا أمل. هما شدقان لا غير.. في الشدق الأول طابور المصرف، وطابور المخبز، وطابور الغاز، وطوابير أخرى مع كل نقطة تفتيش تخلع عندها ما تبقى لك من كرامة وعزة نفس واحترام، لتتمكن من رؤية أبنائك مرة أخرى و في الشدق الآخر ترفٌ موعود، وأمل مفقود، وباب مسدود، مكتوبٌ عليه ممنوع دخول البائسين … الحياة في شدق والموت في شدق.. نقولها لنبرر الفرح، أما الحزن فهو الأصل، والأصل لا يُبرر! و نقولها لنعتذر عن السعادة، لأن السعادة شذوذ عن قاعدة التعاسة … الحياة في شدق والموت في شدق..لكنهما يلتقيان في فمٍ واحد، فم المواطن المنكوب، حتى لا يختلي بالحياة دون أن يكون الموت ثالثهما، وحتى لا يختلط بالفرح دون حجاب، وحتى لا يُلامس الأمل بلا حائل، وحتى لا يُسافر إلى مستقبله بلا محارم ماضيه!!.

 

 

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :