- سالم أبو ظهير
ملخص كتاب
كتاب “الخوف من الحرية” أو ” الهروب من الحرية “، مؤلفه الفيلسوف أريك فروم، ولد في النمسا عام 1900م، وفي عام 1934م هرب من النازية إلى أمريكا التي منحته جنسيتها، وأستقر فيها حتى توفي عام 1980م.
الكتاب حلل من منظور نفسي الأسباب التي تجعل الإنسان يخاف أو يهرب من الحرية، ويفتخر ويفضل عليها التبعية لسلطة الأنظمة الدكتاتورية العليا (الفاشية أو النازية).
قسم الكتاب ولاء وخضوع الأفراد للنظام الدكتاتوري النازي ، الى فريقين : فريق مثله الليبراليون البرجوازيون، والذين خضعوا للنازية خضوعاً تاماً ، رغم عدم إعجابهم بها لكنها تحقق مصالحهم الفردية ، وفريق من الطبقة الوسطى كالفلاحين والعمال،الذين انجذبوا منبهرين بالايديولوجيا الجديدة وزعيمها هتلر، فالتفوا حوله و تحول عندهم إلى رمز يعد المساس به مساس بألمانيا، وبالعرق الاري. وراى فروم أنه في الوقت الذي كان هتلر يستمتع بممارسة ساديته على شعبه بالتسلط والقهر ، كان هذا الشعب يؤمن بكونه من أرقى شعوب الأرض، ويستمتع بقهر الأقليات والعرقيات الاخرى بفضل هتلر.
الكتاب إستعرض تاريخيا تطور الحرية الفردية ، وكيف كانت من المطالب السامية التي يسعى الإنسان لتحقيقها، من خلال تمتعه بحريته (الفردية) من العصر الحجري ، مروراً بالعصور الوسطى ووصولا لعصر النهضة،حين تخلص من سلطة الكنيسة المطلقة ، تم أوضح كيف تناقص عدد المطالبين بالحرية ، بحيث لم تعد الحرية مطلباً أوليا، وأن السبب ليس النظام القمعي أو السلطة العليا، لكن ذلك مرده للإنسان في ذاته ،الذي تغير حب الحرية عنده الى خوف منها ، حين بدأ يشعر بالقلق والتوتر وعدم الرغبة في تحمل أي مسؤولية، عند اتخاذ أي قرار يخصه ، فيكون الأسهل عنده التخلص من هذا العبء، بوضعه على آخرين، يلتزمون بتوجيهه والتفكير نيابة عنه وتوفير الأمان له وتقرير مصيره.
فروم تناول سلطة وقوة وثقافة المجتمع، التي قد تقيد حرية الإنسان ، التي تعد سلوكاً فطرياً، لكنه يخاف منها ويهرب ، مستسلماً برغبته للثقافة والقيم والمعايير والتوجهات المجتمعية ، حتى لاينعته باقي أفراد المجتمع بأنه مخالف لهم ، فيصبح ميالاً للخضوع للجماعة حتى لا يتهم بالتمرد والخروج عليها..
ومن هذا المنظور فكلما فصل الإنسان نفسه عن بيئته ومجتمعه، كلما زادت حريته ، وكلما اندمج مع المجتمع كلما فقد جزءأ من حريته واستقلاليته . لكن فروم حذر أيضا من أن الأنحياز الزائد عن حده، والرضا المبالغ فيه بالتبعية لأشخاص أو قادة أو أنظمة ، على حساب الشعور بالأمان و الخوف من تحمل المسؤولية ، يمكن أن يؤدي لفقدان الهوية الفردية ، ويحفز الآخرين ويشجعهم على ممارسة الاستبداد على الفرد الخائف من الحرية.
ختم فروم هذا الكتاب بإشارته الى أن الإنسان الحديث يعيش وهم أنه يعرف ما يريد، ولكن الواقع أنه يريد أن يفرض عليه ما يريده ،وأنه كلما تحرر من سلطة وقع في شرك سلطة جديدة، فبعد تخلصه من سلطة الكنيسة وقع فريسة لسلطة الضمير، ثم سلطة الصحافة والرأي العام.
ورغم افتخار الإنسان بانه غير خاضع لأي قوة خارجية ، وأنه حر في التعبير عن أفكاره ، لكن الحقيقة أن حرية التعبير لاتساوي شيئا، الا اذا كان الانسان قادراً على تكوين أفكار خاصة به، نابعة من نفسه وتمثله ، وأن الحرية الحقيقية هي تلك الحرية الايجابية التي تسمح له بالتوحد مع مجتمعه، وتقديم المنفعة التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالفائدة المشتركة.