(عبد الحق القريد) …
هاتان الكلمتان تتفقان في جميع حروفهما عدا الحرف الرابع، وهو ما يعرفه البعض بالسلطة الرابع أو عند البعض بالبعد الرابع، هذا التداخل في التعريفين الدعم والدمم يحتاج إلى قراءة متأنية في المفهوم الشامل لكليهما، فالدعم يوحي بالتشيع لانجاز مهمة معينة، كما يعتبر مساعدة مالية لتنفيذ مشروع معين، ومن تم فإن معرفة صاحب المشروع أى الداعم أهم من معرفة المشروع ذاته، لأن صاحب المشروع في مقالنا هذا هو المؤمى إليه خلسة بالدمم، ونحن لا نريد أن يعرف بأننا نعرفه بقدر محاولتنا للنجاح في تبصير المدعوم، وهو المقاول المقترح أو المختار للقيام بتنفيذ المشروع الغريب في الأمر أن المنفذ يوهم نفسه بأنه من اختار المشروع المفيد، بينما الحقيقة هو انه وقع ضحية مسابقة للدعم بين آخرين لا يعرف ماذا يريدون، سوى أنهم يقدمون له مشاريع على طبق من ذهب بنكهة الوطن، توريد معدات لمستشفى قروى يقع في منطقة نائية، وتقديم هذه الخدمة لأناس لا تعرفهم الحكومة مسؤولية مناطة بمؤسسات المجتمع المدني، وحيث ان مؤسسته تأهلت بعد ملء الاستبيان وهو أو هم اقصد أعضاء المنظمة قد تدربوا جيدا على كيفية الفوز بمنحة لتقديم مساعدة، وزيادة في الاغراء يمكنهم استلام المبلغ خارج حدود الدولة الليبية بالنقد الاجنبي ليقوموا في عملية نوعية بين الدولة المجاورة والسوق الموازية ببيع المبلغ بالعملة المحلية، والفارق في السعر يعتبر ربح زائد عن القيمة المتفق عليها، كأتعاب مقابل تأدية خدمة تطوعية بعيداً عن كافة الاجهزة الرقابية التي تتسلط على تقييد منظمات المجتمع المدني النشطة لأجل الوطن، هذه العلاقة الوهمية بين الوطن ومواطنيه، تشكل قمة الصراع بين الوطن واعدائه، فالمواطن العضو بالمجتمع المدني يرى نفسه انه يقدم خدمات جليلة للمحتاجين خاصة عندما يتعلق الموضوع بالسلات الغذائية والأضاحي ومساعدة الفقراء في شهر رمضان الكريم، ومساعدة النازحين والمهجرين ودور العجزة والايتام والمرضى، كلها مجالات انسانية يشعر أعضاء منظمات المجتمع المدني بأنهم مسؤولين مسؤولية مباشرة عليهم، وأن ما يتلقونه من دعم على اية صورة وبأية كيفية، هو أمر يندرج في خانة النشاط التطوعي للمساعدة، مع وجود كثيراً من الموضوعات والبرامج الاخرى، والتي منها الانتخابات والتنمية المستدامة ومكافحة الأمراض، وتثقيف الشباب ومساعدة الأرامل والأيتام، ومناصرة الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين، ونشر حرية الفكر والتعبير والمعتقد، فهل لاحظتم كيف وضع السم في الدسم من خلال هذه التعريفات وكيف وصل غول الدمم الى الفتك بالضحية، من خلال اوتار العزف الهاديْ على نغمات الدعم والمجتمع الدولي والدول المانحة وفرق العمل المتخصصة من كمبوديا وأنجولا والشيشان وافغانستان مروراً بالبوسنة والعراق واليمن وسوريا، لتضع قوافل الدعم بضاعتها في تونس، كي تمول مشروع حفر ابار فى حج حجيل واقار وصيانة مستوصف في القيقب وأخر فى بئر غنم، ونزع الغام من الدافنية وغابة الكشاف بالزنتان وحول الغزايا وسرت واجدابيا وراس الأنوف وزليتن والقواليش، اضافة الى الاهتمام بأطفال التوحد، وانا ليبي وأمي ليبية، والمواطنة حقي، وكل أناشيد السعادة المفقودة التي تستورد مفاتيح نجاحها في قوالب جاهزة من منظمات عالمية تحتفل سنويا بتقديم خطة استجابة بملايين اليورو، الى اجعل جمعها هل هو جمع سالم أم جمع تكسير، وهل والمجال مفتوح لأساتذة اللغة لجمع يورو، برغم خروج المخطط العالمي لكل مصائبنا وهزائمنا ومشاكلنا، من دواليب دولتهم، منذ اعلان بيفور وحتى ربيعنا الحالم بالديمقراطية، التي حنطت اليزابيت عود على بدء، هذا التداخل الذى يشكل خللاً واضحاً في رسم معالم المقال يدل دلالة أكيدة على اننا نعيش مرحلة توتر خوفاً من تجربة مستوردة، لا نملك حتى أدوات تقييمها، وإني بذلك أفتح باب الحوار، من خلال هذا الموضوع لكل المثقفين والمختصين للمشاركة في الكتابة حول المجتمع المدني، الثوابت والأخطار الدعم وشراء الدمم الغاية والوسيلة، كيف ننجح وأين يمكن أن نجد انفسنا، هل تتلقى منظمات المجتمع المدني دعم حقيقي أم يتم شراء دمم بعضها وتجنيد بعضها، وهذا لا ينفى وجود مخلصين شرفاء يشتركون مع العالم ويعرفون ما يريدون، نحن نخشى ان تكون ورش العمل ودورات التدريب خارج الأراضي الليبية طريق لإفساد من لديه استعداد نفسى واجتماعي واقتصادي وثقافي، وأن يكون بيئة جاهزة للتلقي مستعدة للمغادرة لكل جميل الدين والقرية والشارع، ما نخشاه أن بعضنا يرى أن استلام الدعم امر يندرج في خانة النشاط التطوعي، وأخر يهرع للإتيان بمن يتلقى الدعم مقابل مبلغ هو في حقيقته رشوة كاملة المعالم، وهذه الرشوة تشمل كثيرين وربما مسؤولين، ويصبح مد اليد لنقد أجنبي من يد أجنبية ذكاء وفهلوة وربح سريع وطريق معبد الى بيع الوطن وممارسة العمالة في أبشع صورها، أرأيتم تداخل الدعم والدمم الى اين تصل نتائجه وحجم كوارته .
جاء في كتاب لصحفيين امريكيين بعنوان الحجاب، أنهم في ليبيا يعانون مشكلة في وجود عملاء لهم كباقي الدول، فهل لو تكرم الامريكان الان بالكتابة عن ليبيا سيعبرون عن غضبهم لعدم وجود عملاء لهم بها كباقي الدول .
على القارئ أن يعتبر أن مجموعة الأسئلة التي وردت بهذا المقال موجهة له شخصياً، لنتشارك جميعا في ايجاد الحل وليس للطعن في الشعب الليبي، فهو بريء من كل تهمة تتعلق بالعمالة، لأنه شعب لا يقبل الاحتلال وقد حارب وناضل لأجل حريته، منذ احتلال الاسبان وفرسان القديس وقبلها وبعدها وقدم الاف الشهداء لأجل ان تكون ليبيا حرة، وأن الصراع الحديث سلاحه العلم في ميادين العمل، وليس البندقية في ميادين القتال، أن الكردون الحقيقى اليوم، هو المدرسة والاسرة، وليس جبهات القتال لأنهم ليسوا في حاجة لإرسال جنود وأساطيل، فقط قليلاً من الدعم وقليلا من الأشرطة، وبعض المحطات الفضائية وبرامج الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للدعم طريقا للدمم .
(عبد الحق امحمد القريد) .