د. سالم الهمالي.
أصبح من المعتاد في ليبيا أن تسمع أو تقرأ تهنئة بنجاح طالب مقرونة بدعاء حصوله على الدكتوراة، حتى لمن هم في فصول الروضة، ناهيك عن خريجي الجامعات والمعاهد العليا، حينها يصبح الاقتران تاما ولازمًا! هذا التغير في المجتمع الليبي حديث نسبيًا، خصوصا إذا عرفنا أن عدد خريجي الجامعات في كل ليبيا لم يتجاوز أصابع اليدين في بداية خمسينيات القرن الماضي، جميعهم تخرجوا من جامعات أجنبية، إذ أن الجامعة الليبية أنشئت في مدينة بنغازي ثم طرابلس منتصف خمسينيات ذلك القرن، لتشهد البلاد بعدها نموا مطّردا في عدد الطلاب والجامعات، خصوصا في الأربعين سنة الماضية حتى أصبحت الآن بالعشرات، بعضها في مدارس ابتدائية و”براريك”. عدد كبير منها لا تتجاوز بضع فصول دراسية، بدون قاعات أو مدرجات ناهيك عن المعامل والمختبرات. هذه الزيادة الفلكية في أعداد الجامعات وبالتالي الكليات والمعاهد العليا، ترافق مع تناقص رهيب في عدد المعاهد المتوسطة التي كانت تستوعب عددا كبيرا من طلاب التعليم المهني والحرفي، بذلك تضخمت أرقام الطلاب بالجامعات واضمحلت بالمعاهد، بما نتج عنه افتتاح عدد كبير من المعاهد والكليات الخاصة لاستيعاب الفائض. كلمة (دكتور) أعطت صاحبها مفتاحا سحريا، إذ سرعان ما أصبحت للتباهي والتفاخر أمام الناس. (جا الدكتور، مشى الدكتور، قال الدكتور، حط الدكتور ، سيارة الدكتور…) والأهم من ذلك أصبحت المؤهل المطلوب لتبوء (المناصب) وهنا بيت القصيد. فخلال مرحلة الانتخابات، أصبحت الشهادة (الماجستير والدكتوراة) تمثل الفارق بين المتعلم وغير المتعلم، أي أن الوصول للمنصب يستلزم شهادة عليا، بغض النظر عن التخصص والكفاءة والخبرة والمقدرة.
وطالما أن الانتخابات تتطلب الشهادة العليا، فلابد من الحصول عليها، حتى ولو كانت من جامعة (ابصرشني)، المهم شهادة، ورقة، أو بتعبير أدق … شلفيطة!! الشلفيطة، هي الشهادة بلا دراسة عليا أو حتى شهادة ثانوية أحيانا، فذلكة وتلخبيط، يستحسن الحصول على قرار إيفاد، تسجيل في تركينة من التراكين، بدون حتى حضور شخصي وبمساعدة صديق (£££) وبعد مضي مدة تقل أو تطول، تظهر حفلة (الدكتوراة) زيطة وزنبليطة، ومنها يضاف إلى البلاد دكتور جديد، يبحث عن منصب، لا علاقة له بما يفترض أنه درسه. ثقافة المجتمع تغيرت، فالمظهر أصبح أهم مِن المحتوى، خصوصا إذا كان من يفترض أنهم القدوة في البلاد، يحملون “شلفيطة” ببساطة اختلط الحابل بالنابل، بدون شك الغالبية يتحصلون على الدرجات العلمية بجدارة واستحقاق، نتيجة مؤهلاتهم وبحوثهم المؤكدة والموثقة، لكن أيضا يجب الاعتراف أن هناك نسبة لا بأس بها، لا درست ولا بحثت ولا عمك نوم! شلافيط وشلفيطة