الرئيس

الرئيس

تَنّوَه 

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة

سعاد سالم

أستخدمت في  2012-2013 فيسبوك لأجري استبيانا سريعا خطر في بالي وقتها، حينما بدا لي أن البلاد وأحلام التغيير وكأنها تتسرب رويدا، لذا اخترت أن أرسل سؤالا محددا استخدمت فيه مفردة ليست متداولة سياسيا في ليبيا في كل تاريخها بما فيه الجمهورية الطرابلسية (16/11/1918- 1/6/1919) وبالتأكيد مش في الجمهورية العربية الليبية (1/9/1969- 2/3/1977) وطبعا حتى الآن، ,وهي مفردة الرئيس.

لو كنتِ رئيسة أو كنتَ رئيسا لمنطقتك!

ضعوا تصوراتكم لتكون منطقتكم أفضل، و يكون التصور قابلا للتطبيق.

وهكذا بدأت تتوارد إجابات من اهتموا وقتها، جمعتها وتركتها كما هي ونشرتها مرتين في مطبوعتين مختلفتين،وفي المرتين استُبدلت مفردة الرئيس في العنوان بالمسئول.

حسنا هذه المرة سأنشر الإجابات وأنا متأكدة من بقاء العنوان على حاله، فرغم كل مايحبطكم في فبراير كان احبطني قبلكم بوقت طويل، غير أن التغيير الذي أحدثته لن يلمسه من كان بعيدا عن مركز الزلزال ولكن الاهتزازات الارتدادية طالته وإن لم يشعر بها، وفي كل الأحوال حتى لو كانت للبعض فبراير كارثة على أي نحو ، الكوارث تعرفنّا من نحن وإن كنّا بمستوى استعداد لائق لما بعدها.

تغيير العنوان من الرئيس إلى مسئول هذا ما أعنيه تماما بالتلاعب باللغة، كنت أهدف إلى بث الحياة في مفردة بدت بعيدة وعالية على كل المستويات وخصوصا على الناس العاديين اللي مش معروفين ولامن عائلات تولت أي مناصب في البلاد ولايهتم أحد بسيرهم العائلية ، أعني الناس اللي زيني عاديين ،من عائلات متوسطة الحال،حتى فقّرها النظام الجماهيري، ناس عادية لكن عندها أفكار واجتهادات وأحلام أن تعيش زي الناس في بلدان تشبه حالتها الاقتصادية مع شوية أكسجين.

لهذا أغضبني لأبعد حد تبديل مفردة رئيس بمسئول،مسؤول؟ ماذا تعني حقا بالنسبة لنا كليبيين عشنا أغلب حياتنا في الشعارات ، غير أنه شعبيا يعني الفساد ، كما أنه ليس له أي مدلول سياسي.

صرتم تعرفون الآن أنني أتوجس من تجريف اللغة وتحريفها، ولكن حينما فتحت عيني جيدا الآن، أرى أنهم على حق تحريريا، وذلك بناء على ما رأوه في إجابات المشاركين، كنت أنوي أن أدخل مفردة ملغية تقريبا في التاريخ الليبي لأنها غالبا تتردد متبوعة بمجلس بصفته السياسية مجلس رئاسي، مجلس قيادة الثورة، مجلس انتقالي، ومهنيا حتى رئيس التحرير بعد 1973 لم يعد له وجود، وأيضا بعد عودته مع المؤسسة العامة للصحافة 1993 ، فمفردة الرئيس فعليا ليس لها إحالات في الوعي الجمعي ، كما هو الحال في المجتمعات الحديثة ، لأنه كما أرجو أنكم تلاحظون أمر يشبه تعلم لغة وتعجز عن التفكير بها، سيتأخر التعامل بها، و التعبير بها عن مشاعر مبرمجة على اللغة الأم . إنها وحسب اعتقادي تشبه كثيرا تجربتنا مع الانتخابات والديمقراطية ،إنها مجرد طرق وسبك والمزيد من الطرق على الأشياء الجديدة لتشبه القديم، ولابد أنكم لاحظتم  أيضا هذا السير على الخطى القديمة لمن سبقونا في شق الطريق في ملاحقة للأجسام والأشكال والأنماط السابقة في إصرار على استنساخها، ربما كتميمة للنجاح. وهذا في أصفى النوايا .

مقدمة 2013

 لو كنت رئيسا! هكذا  طفت بفضول وبشيء من الحماسة بعد عامين من غياب خطة قادمة مدنية متخلية عن مفردات الأمن والسلاح باعتبارها مسلمات. على رقعة أكبر من الأحلام الشخصية ما أمكنني بمدن أخرى غير طرابلس أعني أجزاء من المعسكر ذاته، مع تصور أن بداية الإجابة عن المستقبل،والكشف عن أفكار تترجم إلى مشاريع،  عبر المشاركين الذين اختاروا ألا يتجاهلوا بساطة الفكرة وحتى ضعفها وسط لعب الكبار.

فليبيا وبعد عامين على رحيل القذافي لازالت ذلك الصندوق المغلق من الرمال، ونظام خيمة لم تطوى بعد، وأسلاك شائكة حول ما تبقى من سلاح وبشر.

عيّنة من : لو كنت؟

أحب أن تكون تسمية الأحياء والمناطق ولو بالمناصفة بين ملاكها القدماء وبين أسماء العلماء والمثقفين وأرباب النهضة والتنوير (من كل الجنسيات) بالإضافة إلى من جاؤوا باستقلال ليبيا ورجال الدين المشهود لهم بالطيبة والخير بالإضافة إلى بعض الشخصيات المميزة من جميع المجالات والمهن وبعض التسميات من تاريخنا على مر العصور.أحب أن تجاورني في الحي الكثير من المقاهي و مكتبتين على الأقل ومسرح ودار سينما ومحطة للنقل العام.

حتى لجادة في اقصى ربوع ليبيا، لكانت المراكز الثقافية والمكتبات العامة أكثر ما يشغلني. مركز ثقافي لا تطرف فيه ولا وصاية. كل من يقرأ كتاب يناقشه مع رواد المركز.

انا من منطقة حجم البنية التحتية هنا لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الفعلية، وبعد أكثر من عامين على الثورة كل ما خرجنا به لحد الآن كان نصب اشارة ضوئية في أحد الشوارع. نحتاج مستشفى ومركز صحي ومركز ثقافي ومركز تجاري محترم وصيانة طرق وبناء مدارس..

لحرصت على وجود منتديات ثقافية تلتقي فيه العائلات لتقرأ، و لحرصت على جذب النساء لهذه المنتديات، و لعملت حلقات نقاش لمناقشة الكتب التي تمت قراءتها، و لحرصت على وجود ساحات وحدائق صغيرة كمتنفس للمشي والهرولة، لحرصت على اجتماعات دورية لسكان المنطقة يناقشوا فيها مشاكلهم أولاً بأول، ولأجبرت كل صاحب منزل على زراعة شجرة أمام منزله!

2023

كانت هذه الإجابات هى اختصار لأغلب التصورات عن كون الشخص رئيسا لمنطقته، والتي وصلني منها ما يزيد عن الخمسين ، والتي في مجملها حينما نشرت قبل عشر سنوات،وكما هو واضح مشاريع تنموية تهتم بالتعليم بالثقافة والكتب تحديدا وبشكل مكثف،وبالقليل من العمارة والترفيه في صور مقتضبة، فالرئيس لم تكن لها بالنسبة للجميع ،وثقوا بي الجميع ممن اهتم بالرد،لم يكن لها أي ارتباط ولا بأي شكل ببعدها السياسي.

غير أنه وعلى جمال ووضوح النوايا في التنمية المرصوصة في كل تلك التصورات عن منطقة كل منهم ، غابت تماما أفكار تربط منطقة أي واحد منهن ومنهم بمنطقة أخرى، كما لم تأتِ أي إشارة لتداول كرسي الرئيس، تصرفّوا كمسئول يُعين، ومنطقته محور الكون.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :