سالم أبوظهير
في عام 2011 م، نشر قسم الاقتصاد الزراعي بجامعة طرابلس، ملخصا لدراسة عنوانها (محددات استدامة الإنتاج الزراعي في إقليم فزان)،أنجزتها الباحثة حنان علي العباسي، وافترضت فيها أن الإنتاج الزراعي بأقليم فزان سيواجه مشكلات خطيرة بسبب مشكلة ندرة المياه،وقد يتوقف بحلول عام 2040م.
الدراسة أشارت إلى أعتماد إقليم فزان في احتياجاته من المياه بشكل كامل على حوض مرزق المائي، وأن المياه الجوفية بهذا الحوض تزداد ندرة عاما بعد عام ،لإنها غير متجددة،ونتيجة للطلب المتزايد على المياه وعدم تجددها ، فإن كميات المياه بحوض مرزق المائي، مهددة بالنضوب.
ولإثبات صحة هذا الفرض؛ تم الإستناد لمنظومة بيانات ،ولمشاهدات لبعض من مظاهر الطبيعية، ومنها اندثار واختفاء غابات النخيل في تنجرابن وايسين والبركت والقطرون بغات، وفي جرمه وبئر النور و الطريطير وبئر الهويدي في وادي الحياة، وفي وادي الغزلان سابقا في سبها، وانخفاض مستوى المياه الذي وصل معدل الهبوط السنوي (بحسب ما ورد في الدراسة) ،إلى ثلاثة أمتار في بعض المناطق، مع انخفاض جودة المياه حتى أصبحت مياه بعض الخزانات غير صالحة للاستعمال، بسبب نسبة الملوحة العالية التي وصلت أقصاها إلى 2200 ملجم/لتر،وأيضا بسبب زيادة الطلب على المياه ، ووصول نقل المياه عبر النهر الصناعي بحجمها الأمثل.
وأشارت الدراسة إلى أنه بسبب الزيادة في الطلب على المياه، وارتفاعه مقارنة بالمتاح ، وصل العجز إلى حوالي نصف مليار في عام 2005 م ، وأن هذا النقص يزداد عاما بعد الأخر حتى من المتوقع أن يصل إلى 1368 مليون م3 في عام 2025م. كما إن الإستمرار في السحب المتواصل من الخزان الجوفي دون دراسة اقتصادية سيؤدي إلى عجز سيستمر ليهدد استمرار الإنتاج الزراعي، في إقليم فزان.
الباحثة حللت عدداً من المؤشرات المختلفة منها حجم الطلب المائي لكافة الأغراض الزراعية الأخرى، والطلب على مياه النهر الصناعي ، ودراسة مؤشر العجز السنوي المتزايد ، وبذلك تمكنت من الوصول لأسباب المشكلة المائية في الإقليم ، وحصرتها في تزايد الطلب المتنامي على المياه للأغراض المختلفة، وفي ندرة المورد المائي، وفي غياب تعدد وتجدد مصادر المياه بسبب الموقع الجغرافي، إلى جانب غياب السياسات الزراعية، الأمر الذي أدى إلى سوء استخدام المياه، من حيث الاحتياجات والمحاصيل، مع غياب الدراسات الاقتصادية، والدراسات السكانية والتوزيع السكاني الديموغرافي بإقليم فزان.
في هذه الدراسة العلمية القيمة ، بينت الباحثة أن اختفاء أو اندثار غابات النخيل وزيادة أعماق أبار المياه وانخفاض جودتها، وانتشار المزارع الكبيرة بدون عمالة متخصصة ،والعجز السنوي المتزايد في الإقليم ، واستمرار ضخ مياه النهر الصناعي العظيم ،كل هذه ظواهر تؤكد على إن المشكلة المائية في تزايد وإن الإنتاج الزراعي قد يتوقف في إقليم فزان خلال الزمن المنظور.