السموم المتحركة

السموم المتحركة

بقلم :: هاجر الطيار 

ذات حضور كنت أتجول في أروقة صحيفة فسانيا بسبها ،وإذا بصوت يتسلل بعذوبة مداعبا مسامعي … استدرجني الصوت ووجدت اذني توجهني دون وعي مني نحوه فأذا به نغمة هاتف ” إنا زينه .. إنا زينه .. أمضي في البساتين ”
لست أدري ساعتها كيف استطيع أن أعبر عن سعادتي ، فقد طافت روحي ُ في رحلة تجاوزت المكان و الزمان وأعادتني على بساط ساحر إلى زمن الرسوم المتحركة الجميل تلك الرسوم التي كانت تزرع فينا الكثير من القيم وتعزز فينا الاخلاق الرسوم التي جمعت الفائدة والمتعة بالاضافة لجمال الرسم والتصميم .
كيف لا والكثير مما كان يقدم فيها هو إرث الإنسانية الأدبي والثقافي ؟. كالسندباد البحري وسالي وجزيرة الكنز وقصص الشعوب وفلونه وهايدي بالإضافة الى أنها تتكلم باللغة العربية ألفصيحة ما يشعر الطفل بالألفة مع لغته ،فكانت تشد الأسرة برمتها كبيرها قبل صغيرها .

عدت إلى البيت منشرحة الصدر والسرور يملئ نفسي بعد ذلك الحدث الذي أعاد لي شيء من ذاكرتي المترهلة ..أدندن بزينة تارة و أخرى بفلونه وساعة اترنم على سالي .

و ما أن أخذت موضعي و قابلت الشاشة وجه لوجه وبكل ثقة تناولت جهاز التحكم وأخذت أقلب محطات الأطفال باحثة عن بقايا طفولتي المنسية … ولكن هيهات تكتمل سعادتي لقد صبت بالخيبة ما أن قلبت تلك المحطات .
ماهذا ؟! أي قبح ذلك الذي يظهر على شاشاتنا . وأي بشاعة تلك التي يتم حشو عقول أطفالنا بها ؟! ومن ذا الذي تجرء على تشويه فطرتهم إلى هذا الحد ؟! .
لقد وجدت أشكالا عجيبة غاية في البشاعة لا تعرف ما كنهها أهي نبات أم حيوان أم جماد , وجدت أشياء مقرفة مقززة تشمأز منها نفس الإنسان الطبيعي اصوات وضجيح لا هدف لا جمال ، وكأنما أفكار البشر عجزت عن استحضار ما هو جميل، أوعجزت ريشة الفنانين عن ابتكار أي جديد .

من المسؤول عن خطف عقول أطفالنا و جرها نحو الهاوية ؟! وكيف نصمت نحن أباء ومعلين ومثقين ومسؤلين على ما يحدث من حشو عقولهم بسموم متحركة منزوعة الشكل منزوعة الحس والروح ؟! .
من هنا ومن هذا المنبر أنادي كل القادرين على البذل والعطاء أصحاب رؤوس الأموال ، مسؤلي الإعلإم ،أهل التربية والتعليم كل مخلص بأن ينظروا بجدية الى هذا الجانب الذي يمس نشأ بأكمله وأن يرتقوا بفن الرسوم المتحركة لانتقاء الأفضل ما دمنا عاجزين عن صنعه نحن ، وأذكرهم بأن هذا الفن نحت يشكل عقول أطفالنا لا يزول مهما جرى عليه الزمن فمن واجبنا أن نسعى جاهدين لأن يكون الأفضل .
ولا انسى أن أذكر اولياء الأمور بأن لا يغفلوا عن مراقبة شاشات اطفالهم قبل فوات الاوان .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :