الشواطئ المشتعلة: من داخل المعركة من أجل ليبيا الجديدة

الشواطئ المشتعلة: من داخل المعركة من أجل ليبيا الجديدة

ملخص كتاب

The Burning Shores: Inside the Battle for the New Libya

لخصه وترجمة (بتصرف): سالم أبوظهير

        كتاب “The Burning Shores: Inside the Battle for the New “الشواطئ المشتعلة : من داخل المعركة من أجل ليبيا الجديدة تم نشره باللغة الأنجليزية بواسطة دار Farrar, Straus and Giroux في 17 أبريل 2018م وهو شهادة حية على التحولات الكبيرة التي شهدتها ليبيا منذ عام 2011 وحتى سنوات قليلة مضت، ويمثل توثيقاً مهماً لأحداث لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل المجتمع الدولي، على الرغم من تأثيرها العميق على المنطقة والعالم حيث يقدم الكتاب تحليلاً عميقًا للأحداث التي أعقبت ثورة 17 فبراير في ليبيا. ويوضح التحديات الهائلة التي واجهتها ليبيا بعد سقوط النظام السابق ، ويبين كيف تحولت آمال الحرية والديمقراطية إلى حرب أهلية وفوضى سياسية وأمنية. مؤلف الكتاب، فريدريك ويري، وهو خبير في شؤون شمال إفريقيا ومحلل سياسي سابق في الحكومة الأمريكية، زارليبيا عدة مرات، قبل ثورة فبرير 2011م وبعدها ،وكان ضابطاً عسكريا ملحقاً بالسفارة الامريكية في طرابلس منذ عام 2009م. استغل  هذه الخبرة الميدانية الواسعة في ليبيا لتقديم سرد حيوي وشامل للأسباب التي أدت إلى فشل الانتقال الديمقراطي في ليبيا بعد تخلصها من النظام الشمولي.”

مؤلف الكتاب يري ويروي الأحداث من زوايا متعددة، وأعتمد  في ذلك على مقابلات شخصية مع عدد من الليبيين الفاعلين والمؤثرين في المشهد ومن مختلف الخلفيات، بدءاً من السياسيين والجهاديين وصولاً إلى النشطاء المدنيين. وبكل تجرد يظهر الكتاب ليبيا ما بعد القذافي كدولة تعاني من انقسامات سياسية واجتماعية عميقة، حيث لم يكن هناك اتفاق على رؤية موحدة للمستقبل، مما أدى إلى نشوء صراعات دامية على السلطة. ومع تزايد التدخلات الخارجية، سواء من قبل القوى الإقليمية أو القوى الدولية، ازدادت الأمور تعقيداً

يري مؤلف هذا الكتاب أن الثورة الليبية بدأت بآمال كبيرة لإسقاط نظام القذافي الذي حكم ليبيا بقبضة من حديد لعقود، ولكن بعد نجاح الثورة وسقوط النظام، بدأت تظهر الانقسامات الداخلية، سواء بين القبائل أو التيارات السياسية المختلفة. حاولت بعض الفصائل بناء نظام ديمقراطي، في حين كانت الفصائل الأخرى تسعى للسيطرة على الموارد والنفوذ. هذا التوتر المستمر أدى في النهاية إلى اندلاع حرب أهلية، حيث كانت القوى المتنافسة تتصارع على السلطة والسيطرة على المناطق الحيوية مثل العاصمة طرابلس والمناطق النفطية​، ويبدا المؤلف بتتبع مسار الأزمة الليبية بدءًا من حادثة مقتل اللواء عبد الفتاح يونس في يوليو2011،، التي يناقشها الكتاب ،  ويعتبرها نقطة تحول مبكرة كشفت عن الصراع بين من أرادوا الحفاظ على النظام القديم أو إصلاحه ومن أرادوا تغييره بالكامل ، ويصف الحادثة بانها اهم حدث كشف عن الانقسامات العميقة داخل الثورة. كما ناقش الكتاب القانون العزل السياسي الذي صدر في مايو 2013، والذي منع أي شخص مرتبط بنظام القذافي من تولي المناصب الحكومية لمدة عشر سنوات ، مبينا دور هذا العزل في تعميق الانقسامات السياسية، وأنه أدى إلى تقليل الثقة العامة في المؤتمر الوطني العام ، وتأثير التدخلات الخارجية على مسار الصراع، وفشل الاتفاق السياسي الليبي في تحقيق الاستقرار.”

الكتاب سلط الضوء أيضًا على فشل جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم الإسلاميين في المؤتمر الوطني العام في إظهار التزامهم ببناء التوافق والسياسة التعددية، مما أدى إلى زيادة الاستقطاب السياسي. كما يناقش التدخل الخارجي في الشؤون الليبية من قبل عدة دول مثل مصر وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة ، كما ناقش الكتاب واستعرض بالتفصيل أنطلاق عملية الكرامة في مايو 2014، والتي قابلتها عملية فجر ليبيا في يوليو 2014، مما أدى إلى انقسام البلاد إلى فصيلين رئيسيين. وفي ديسمبر 2015، أدت المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين الفصيلين إلى توقيع الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات، المغرب. ومع ذلك، كان الاتفاق مثقلًا بالعيوب منذ البداية، مما أدى إلى استمرار الصراع.

كما ركز الكتاب  بشكل كبير على الدور الذي لعبته القوى الخارجية في تأجيج الصراع الليبي. وأشار الى ان من بين هذه القوى، كان التدخل العسكري لحلف الناتو في عام 2011 م ،بإعتباره أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في إسقاط نظام القذافي. لكن بعد إسقاطه، تركت ليبيا دون دعم دولي كافٍ لإعادة بناء مؤسسات الدولة. كما يشير الكتاب إلى أن القوى الإقليمية مثل مصر والإمارات وقطر لعبت دوراً كبيراً في دعم الفصائل المختلفة، ما جعل الأزمة أكثر تعقيداً وأطال أمد الحرب الأهلية. بالإضافة إلى ذلك، يركز الكتاب على الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012، والذي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز، ويعتبر مؤلف الكتاب هذا الحدث نقطة تحول في العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا​ . كما تناول الكتاب بشكل مفصل ظهور الجماعات المسلحة والجهاديين في ليبيا بعد ثورة فبراير 2011م. وأشار الى أن انهيار الدولة وغياب سلطة مركزية قوية أتاح الفرصة لتلك الجماعات للظهور. من بين هذه الجماعات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي استغل الفوضى للسيطرة على أجزاء من ليبيا، خاصة مدينة سرت. بالإضافة إلى ذلك، تتطرق الفصول المختلفة إلى التوترات بين الميليشيات المحلية والجماعات المسلحة الأخرى التي كانت تسعى لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية​.

ومن العناصر المحورية في الصراع الليبي بحسب ماورد في الكتاب هو التنافس على الموارد الطبيعية، خاصة النفط. يوضح ويري كيف أن ليبيا، وهي دولة غنية بالنفط، أصبحت ساحة للصراع على هذه الثروة. كانت الفصائل المسلحة تسعى للسيطرة على الموانئ النفطية والمصافي، وكان ذلك أحد العوامل الرئيسية التي أشعلت الصراع بين الفصائل المختلفة. كما ركز الكتاب على الجانب الإنساني للأزمة. فتناول تأثير الحرب على المدنيين الليبيين، مشيراً إلى أن العديد منهم كانوا يشعرون بالخيانة، حيث كانوا يأملون في أن تكون الثورة طريقاً إلى حياة أفضل، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين في دوامة من العنف والفوضى. يستخدم ويري شهادات حية من الليبيين الذين عاشوا تلك المرحلة، مما يعطي الكتاب طابعاً إنسانياً مؤثراً​.

 كتاب الشواطي المشتعلة  قدم تحليلاً عميقاً للصراع الليبي بعد سقوط القذافي، وتناول باستفاضة مجموعة من الشخصيات المؤثرة في الأزمة الليبية، بما في ذلك:

معمر القذافي: باعتباره الشخصية المحورية في بداية الكتاب، حيث يناقش تأثير حكمه الطويل على الدولة الليبية وتفكك المؤسسات بعد سقوطه. و

كريستوفر ستيفنز: السفير الأمريكي الذي قُتل في هجوم بنغازي عام 2012. يتناول الكتاب شخصيته ودوره في تحسين العلاقات الأمريكية-الليبية قبل الحادثة.

فايز السراج: رئيس حكومة الوفاق الوطني، والذي سعى لتوحيد البلاد في مواجهة الانقسامات الداخلية والخارجية.

خليفة حفتر: قائد الجيش الوطني الليبي الذي يسيطر على شرق ليبيا، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في الصراع مع دعم خارجي من قوى إقليمية مثل مصر والإمارات​(:  

الميليشيات والجماعات المسلحة: قدم الكتاب تفاصيل حول ظهورهم بعد سقوط القذافي، بما في ذلك الميليشيات المحلية والجماعات الجهادية مثل تنظيم الدولة الإسلامية، والتي استغلت الفراغ الأمني في البلاد لتحقيق مكاسبها الخاصة​(

وأخيراً وفي خاتمة الكتاب ، يؤكد مؤلفه ري أن ليبيا بعد سقوط القذافي كانت بحاجة إلى دعم دولي لإعادة بناء مؤسسات الدولة، ولكن العالم ترك ليبيا لمصيرها، وهو ما أدى إلى تصاعد الصراع وتحول الثورة إلى حرب أهلية. الكتاب يوفر فهماً شاملاً للأسباب التي أدت إلى انهيار الدولة الليبية، وكيف ساهمت العوامل الداخلية والخارجية في تعقيد الوضع. يعد هذا الكتاب مرجعاً أساسياً لمن يرغب في فهم تعقيدات الأزمة الليبية ومآلاتها.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :