الطبال وليالي رمضان

الطبال وليالي رمضان

  • سليمة محمد بن حمادي

تلامس الذكريات وجداني . وتغازل تفاصيلها روحي ..مع تجليات شهر المكرمات ( شهر رمضان ) وطقوسه المهيبة ومحطات عادات أهلنا الطيبين … التي اعتدنا ممارستها و معايشتها في نفس الآن. إنها مرسوم مختوم بختم الجوده لا راد لنصه..لا ندرك سبب احترامه بل و قداسته التي تسكن قناعاتنا للآن ولكن نعي جيدا أن لزاما علينا التنفيذ بقلب راض لأن فيه عبق أهلنا الطيبين… شهر رمضان فيه الكثير من ذكريات الطفولة التي يروق لي الإسهاب في الغوص في ذكراها .. كم تستوقفني ( لوحة الطبال).. حينما توقظنا أمي رحمها الله عز وجل على مائدة السحور ورائحة ( القرفة) التي تزين ( تباسي المحلبية) ذلك الطبق الشهي بالرز المطحون والزهر والحليب تداعب أنوفنا الصغيرة ورائحة ( امورقة التنور) المطبقة بالسمن الوطني و الممسوح وجهها بالعسل الطبيعي والتي بدورها ( المورقة ) تتصدر المائده بل و لها عرشها الملكي التي تتربع عليه من ليلة النصف وليلة السابع والعشرين من شهر رمضان ( حينما أنتبه لأمي وهي تنظر للسماء بوجه باسم تترقب ما طرأ على الهلال من تغيير و رافعة يديها لله عز وجل داعية مبتهلة رحمك الله يا أمي). ابتهاجا بهاتين المناسبتين حيث أنها تسيطر على بقية أطباق طعام أمي الشهية.. وصوت (الطبال) يقطع سكون الليل ببعض الأهازيج و بكلمات لم أميزها في عمري ذاك . وعلمت فيما بعد أنه ينادي على بعض أصحاب المنازل التي تجاورنا بطريقة محببة. ( فالطبال صديق الحي ) وبعض المنازل التي يشعر بأنهم لم ينتبهوا لتناول وجبة السحور وربما غافلهم ( سلطان النوم) فلا يهون عليه أن يقضوا اليوم الثاني جياعا وعطشى فيقوم بالطرق على أبوابهم بتلك العصا التي ترافقه والتي أعتقد أنها من غصن الرمان أو الزيتون وكأنها ترمز (للمَحنّة) بملامسة أبواب الجيران دون إزعاج..وكان الطبال يدرك عدم استيقاظ بعض الأهالي من إطفاء مصابيح المنازل فذلك إيحاء أن أهل المنزل في سبات عميق وبمجرد استيقاظهم و يوقد المصباح يذهب في سبيله مواصلا إنشاده وهكذا. كنت أستمتع بحمل ما جادت به أمي في ذلك الصحن لذلك الرجل الطيب ( الطبال) لأعطيه إياه وسط دعواته ..وصوت أمي الهادئ يحثني على الإسراع وهي تنتظرني خلف باب منزلنا الخشبي وهدوء الليل و رائحة شارعنا الجميلة بجيراننا الطيبين العالقة في أنفي للآن. كلها تفاصيل يبعث في شهر رمضان شجن ترديدها كلما لاح.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :