العقود الإدارية وحدود الإدارة فيها

العقود الإدارية وحدود الإدارة فيها

مبدئياً تعرف العقود الإدارية بأنها اتفاقات تسد بواسطتها الإدارة احتياجاتها المالية، والتي يلتزم بمقتضاها شخص معنوي أو طبيعي عام أو خاص بقرض مبلغ من المال إلى شخص من أشخاص القانون العام إلى أجل معين، مقابل فائدة سنوية محددة.

 والفرق بين القرار الإداري والعقد الإداري يكمن في الاختلاف من حيث الغاية، فغاية القرارات الإدارية هو إحداث آثار قانونية(إنشاء مركز قانوني جديد، أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني قائم)، بينما العقود الإدارية ، الغرض منها تلبية الحاجات العامة للمواطنين أو تقديم الخدمات العمومية الضرورية بصفة مستمرة، أو إدارة، أو استغلال، أو تسيير مرفق عمومي تحقيقا للمصلحة العامة.

ومن المعلوم أن الإدارة العامة تبرم نوعين من العقود: عقود تخضع للقانون الخاص في أحكام تنفيذها، وعقود تخضع للقانون الإداري، لذلك فإن المشكلة كانت على الدوام هي في التفرقة بين العقود المدنية للإدارة من جهة وعقودها الإدارية من جهة أخرى، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور معايير يتمثل دورها الوظيفي في التفريق بين العقد المدني والعقد الإداري.

تعرف العقود الإدارية بأنها تلك العقود التي يبرمها شخص معنوي عام في سبيل تسيير مرفق عام أو تفويض إدارته، وتظهر فيها نيته في الأخذ بأساليب القانون العام، ويتجلى ذلك في ظهور الشروط غير المألوفة في تلك العقود.

ومن معايير تمييز العقد الإداري، وفقاً لما يمكن استنتاجه وجود الشخص الاعتباري العام طرفاً في العقد، وهو ما يطلق عليه تسمية المعيار العضوي في تمييز العقود الإدارية، وفي ضرورة اتصال العقد بالمرفق العام، واحتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص، وهو ما يسمى (المعيار الموضوعي).

فمن أهم أركان العقد الإداري هو أولاً:أن يكون أحد طرفي العقد شخص من أشخاص القانون العام،وثانياً:اتصال العقد بالمرفق العام،وأخيراً: أن يتضمن العقد شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص. ومن أهم معايير تمييز العقود الإدارية هو أن  يحدد شروط العقد الإداري وهي: معيار ارتباط العقد الإداري بنشاط المرفق العام, معيار احتواء العقد الإداري على وسائل القانون العام وأخيرا المعيار المقترح في تمييز العقود الإدارية.

فالعقد الإداري هو اتفاق يتم بموجبه تفويض السيطرة التشغيلية للمؤسسة بموجب عقد إلى مؤسسة منفصلة تتولى المهام الإدارية الأساسية مقابل رسوم. على عكس الترتيبات مثل الامتياز أو الترخيص، حيث يكون التركيز على بيع طريقة التشغيل، فإن عقود الإدارة تنطوي على التنفيذ الفعلي لتلك العمليات. يمكن أن تشمل هذه العقود مجموعة واسعة من الوظائف، بما في ذلك التشغيل الفني لمنشأة الإنتاج، وإدارة شؤون الموظفين، والمحاسبة، وخدمات التسويق، والتدريب.

حيث أن أهم الآثار التي يرتبها العقد الإداري، نفاذ العقد الإداري يرتب جملة من الآثار القانونية بحق طرفي العقد الإداري وتتمثل هذه الآثار بالحقوق والالتزامات، وهي بطبيعة الحال تختلف بالنسبة لجهة التعاقد عن المتعاقد معها وذلك لما تتمتع به الإدارة من امتيازات أثناء نفاذ العقد الإداري وجميع مراحل العقد الأخرى ، لأن الإدارة عندما تكون طرفاً في العقد فهي تعمل بوصفها سلطة عامة وهذا الوصف يجعلها ترجح المنفعة العامة على المنفعة الخاصة وهو ما تسعى إليه الحكومات من خلال العقود التي تبرمها بواسطة أدواتها المختلفة فالإدارة لها أن تعدل في بنود العقد في أي مرحلة ضمن نطاق معين ووفقاً لمقتضيات المصلحة العامة.

وهنا تتشدد القيود على حرية الإدارة عند تعاقدها من أجل تحقيق هدفين أساسيين: الأول تحقيق أكبر وفر وقدر مالي ممكن من خلال اختيار الإدارة للمتعاقد الذي يقدم أفضل عطاء من حيث الشروط المالية والفنية، والهدف الثاني تمكين الإدارة من اختيار المتعاقد الكفؤ والأقدر فنيا على تنفيذ المشروع الذي تحرص الإدارة على تحقيقه؛ وقد فرض المشرع قيوداً على حرية الإدارة تتمثل بالإجراءات الشكلية قبل وأثناء إبرام العقد، وأغلب التشريعات تحرص على تنظيم تلك القيود منعا لتعسف الإدارة والمنافسة غير المشروعة، الأمر الذي دفع هذه التشريعات في مجال العقود الإدارية إلى تنظيم أساليب التعاقد وأهمها المناقصة العامة، بما يكفل تحقيق المبادئ الأساسية التي تحكمها وتتمثل بمبدأ العلانية، وحرية المنافسة، والمساواة وتكافؤ الفرص، والذي من شأنه أن يوسع دائرة التنافس بخلق ضمانات حقيقية تبعث على اطمئنان مقدمي العطاءات والثقة في تعاملات الإدارة.

فهناك شروط استثنائية في العقود الإدارية حيث إن هذه الشروط التي تتضمن امتيازات للإدارة لا يمكن للمتعاقد معه أن يتمتع بها ؛ أي تجعل المتعاقد مع الإدارة في مركز غير متكافئ و غير متساوٍ معها و هذه الامتيازات التي تتظمنها شروط العقود الإدارية تعتبر أبرز ما يميز العقد الإداري عن بيقة العقود الأخرى، الشروط الاستثنائية وغير المألوفة التي تخول للمتعاقدين مع الإدارة سلطات استثنائية في مواجهة الغير ، وهي تمنح و تخول للمتعاقد مع الإدارة بعض امتيازات السلطة العامة التي تتمتع بها الإدارة العامة عادة و تمارسها و ذلك بالقدر اللازم فقط و الضروري لتنفيذ العقود الإدارية ، فالمتعاقد مع الإدارة قد يخول له مثلا حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو حق فرض رسوم معينة أو حق الاحتكار.

لعل أبرز هذه الامتيازات هي حق و سلطة الإدارة في تعديل التزامات المتعاقدين معها نقصا أو زيادة ،كذلك امتياز سلطة التدخل للإشراف على تنفيذ العقد ،أضف إلى ذلك امتياز سلطة تغيير طريقة تنفيذ العقد ووقف التنفيذ مؤقتا ،وهناك أيضاً امتياز سلطة فسخ العقد بإرادتها المنفردة دون حاجة لرضا الطرف الآخر المتعاقد معها ،وامتياز سلطة الإدارة في توقيع عقوبات مختلفة على المتعاقد معها في حالة إخلاله بالتزاماته حتى و لو لم يحدث لها ضرر ما و بغير حاجة إلى اللجوء إلى القضاء .

ومن خلال استقراء الفقه والقضاء الفقهيين نجد أنه تم تعريف العقد الإداري بأنه ( العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون

العام وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة من القانون الخاص).

أما الاختصاص في الفصل في المنازعات المتعلقة بالعقد فهو  من اختصاص القضاء الإداري ، وهذا الشرط هو من يكسب الصفة الإدارية للعقد بل و يعتبر معيار تحديد العقود الإدارية بطبيعتها.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :