- أ :: عمر علي ابوسعدة
طُلب مني استطلاع رأي _لصحيفة_ الوسط الورقية التي تصدر في القاهرة ، عن تعريف الفدرالية وهل تنهي النزاع الليبي وما هو الحل ؟
كلمة فدرالية ؟ أصلها لاتيني ليست لها معنى رديف في اللغة العربية ، إنما للفدرالية تعريف كمصطلح سياسي لا يوجد عليه اختلاف ، وتُعرف الفدرالية كنظام حكم يحكمه نظام اساسي قانوني صارم ، ويتشكل من ولايات ومركز ، لأجل تقاسم السيادة في إطار ( السلطة والثروة والموارد ) ولكل ولاية دستور خاص بها وأدوات حكم برلمان تشريعي وجهاز قضائي وآخر تنفيذي في ظل وجود دستور مركزي لا يتعارض مع دساتير الولايات الأخرى وله ذات أدوات الحكم ، يشارك في وضعه جميع السكان ، وأن للفدرالية ركائز ، تتجسد في الدستور والجغرافيا المشتركة وتتوحد في الدفاع والأمن والعملة والتمثيل الدبلوماسي والعلم والنشيد الوطني – ركائز تؤكد رغبة هذه المجتمعات محبة او مكرهة في العيش المشترك ، رغم وجود تنوع واختلاف قد يسودها في الدين والطائفة والاثنية والثقافة واللغة ، يدفعها هذا التنوع والاختلاف إلى ضرورة موضوعية في المحافظة على أمنها والهوية والتقدم الاقتصادي والرفاه .
فهل الفدرالية صالحة لحكم مجتمع على شاكلتنا ، وهل تتوفر المعطيات الموضوعية لاعتمادها كنظام حكم ؟؟ إذا علينا فهم العيوب قبل الفوائد ؟؟.
تحتاج الفدرالية لبناء سليم ، وأن أي خطأ في التطبيق يحولها إلى بيئة خصبة للحروب والانفصال ، لذلك تحتاج الفدرالية إلى ثقافة ووعي واجهزة تشريعية وقضائية وتنفيذية وإدارية ورقابية ضخمة مترهلة لتضمن استدامة البناء السليم للحكم الفدرالي ، وهذا مكلف للمال والوقت ، ولا ينسجم مع دول الريع المحدودة الموارد والدخل كليبيا ، كما ان تقاطع المطامع الخارجية الحاد ، واهتزاز المحيط الاقليمي المتأرجح ما بين الاضطراب والاستقرار ، وفي ظل السلاح المنتشر والنزاع ، وارتفاع النعرة القبلية والجهوية المناطقية وتعلية الذات والأنا ، وإذ طبقنا الحكم الفدرالي في هكذا ظروف ، تكون النتيجة حروب وانفصال ولنا في العراق واليمن مثال .
لا اعتقد توفر المعطيات الموضوعية ، لاعتماد حكم فدرالي في ليبيا ، فإن مشروع الدستور الليبي المعتمد من الهيئة التأسيسية يقدم ضمانات ألا المركزية الواسعة أكثر من الفدرالية ، تحت ظل الوطن الواحد ، ويعطي التدبير الحر في اتخاذ القرار ، وتقسيم الموارد المركزية والذاتية مع السلطة بمعايير دستورية ، ويوزع المؤسسات السيادية والشركات العامة جغرافياً ، مع وجود غرفة ثانية ( مجلس الشيوخ ) لمراقبة كل القوانين ، فلم يبقى ألا وجود نخب حقيقية تحترم المسار الدستوري وتسعى لاستكماله ، لخلق دولة لا مركزية ذات سيادة بدستور دائم ، يقبل الفصل بين التوازن والرقابة ، فعلينا التمسك بمشروع الدستور المعتمد من الهيئة التأسيسية المنتخبة من الشعب وأن يجد الليبيين فرصة نزيهة في حق الاستفتاء عليه بالقبول او الرفض ، مهما بلغ الصراع مداه وكبرت المعاناة بهذا الوطن المأزوم .
حفظ الله ليبيا