الفساد في مستشفى أوباري يمارسه الأطباء، والإهمال يقتل المرضى

الفساد في مستشفى أوباري يمارسه الأطباء، والإهمال يقتل المرضى

خلال السنوات الأخيرة ، يعاني مستشفى أوباري العام من فساد إداري وصل إلى الطاقم الطبي والطبي المساعد ، بعدما اخترق ضمائر موظفي الإدارة ، نتج عنه فقدان أطفال رضع لحياتهم ، ومرضى من أقصى المناطق  يموتون بين أيدى ذويهم ، دون عناية تذكر ، وتسيب من قبل الطاقم الطبي حيث يشتغل الأطباء في عياداتهم الخاصة ، ويتركون العمل الذي استجلبوا من أجله ، والمواطن هنا في أوباري ،وضواحيها يصرخون ، بلا مجيب ، العقارب تلسع الأطفال ، والمسؤولون يسهلون أوراق الدفن ، الأطباء في عطلة دائمة ، ومرتباتهم جارية ، طاقم التمريض يشكو من عدم دفع مستحقاتهم ، ومدير المستشفى في طرابلس بعيدا عن آهات المستشفى ، وأنين المرضى.

لماذا هذا الإهمال؟ ومن هو المسؤول عنه؟ ولماذا يسمح للطبيب المستجلب للعمل في المستشفى بالعمل في قطاع خاص   دون التزامه بعقده مع الدولة؟ من يقتل الأطفال في مستشفى اوباري يقول مواطن؟

يقول إسماعيل عبد القادر محمد قدوري – مدير مكتب الخدمات الطبية بمستشفى أوباري العام “إرضاء الناس غاية لا تدرك، وكل شخص يؤل الأمور حسب رؤيته الشخصية. أعترف بوجود أخطاء ووجود عيوب ولكننا لسنا ملائكة ، مقارنة بمستشفيات طرابلس يعتبر مستشفى أوباري أفضل من كثير من المستشفيات في طرابلس وذلك بشهادة أحد وفود وزارة الصحة الذين قاموا بزيارة المستشفى و تفقد مرافقه ، ولكن للأسف فإن المواطن البسيط يقارن المستشفى بمستشفيات سويسرا والدنمارك ولكن ذلك صعب جدا إن لم يكن مستحيلا و المواطن معذور لأنه يعاني من رداءة الخدمات و عجزه عن السفر و العلاج في المناطق المجاورة ، ولا يمكن إنكار ذلك و العديد من السلبيات الأخرى لأنها ظاهرة للعيان من ضمنها التقصير الظاهر من الأطباء و الممرضين”.

قسم الطوارئ عاجز عن أداء مهامه

ويضيف قدوري ليتحدث عن العجز الذي يعاني منه قسم الطوارئ في العديد من التخصصات  “ويعد ذلك من أخطر أنواع العجز نظرا لأهمية قسم الطوارئ إذ يعاني القسم من الإهمال و التسيب ، لن أكذب عليك وأخبرك بأن المستشفى في حالة جيدةولا نعاني من أي تسيب و إهمال لأننا اجتزنا تلك المرحلة لأن الجميع أصبح يستخدم الكاميرات و يتم تصوير سلبيات و مشاكل المستشفى بشكل يومي ، إن إدارتنا عمرها ثلاثة أسابيع فقط و نحن هنا لخدمة جميع المواطنين من مشروع الأبيض حتى مشروع أوباري لأن هدفنا الوحيد هو علاج المواطن و توفير كل ما نملك من أدوية لخدمة صحته .

وكان جوابه حين سألناه عن الطفلة التي توفت نتيجة عجز طاقم قسم الطوارئ عن منحها مصل العقرب:

ان مصل العقرب لا يستوجب حضور طبيب إذ أن المصل في الثلاجة ويمكن لأي ممرض إعطاؤه ولكن المشكلة في تفكير الناس اذ لا يتم إحضار الحالة إلا بعد فوات الأوان، ولن نقبل تحميل مسؤولية أخطاء أهل المريض على التسيب،ونرجو من المواطنين الإبلاغ عن أي حالة تسيب يتعرضون لها والإدارة ستقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه الموظفين المعنيين.

وأنكر قدوري الادعاءات التي تزعم تهريب أدوية المستشفى وبيعها لصيدليات خاصة خارجة عن إدارة المستشفى، ويقول بأن عملية إيصال الأدوية إلى المخازن تحكمها إجراءات صارمة لا يمكن الاحتيال عليها دون علم الإدارة.

وأجاب عن سؤالنا عن عدم كفاءة الأطقم الطبية بقوله إن الأخطاء الطبية شائعة في العالم أجمع.

وختم كلامه بدعوة المواطنين للمبادرةبالإبلاغ عن أي أخطاء أو أي تسيب يحصل من طرف الممرضين أو الدكاترة.

 

ويضيف المواطن محمد أحمد الصالحين – ” حضرت إلى قسم الطوارئ في ليلة الخميس الماضي ، معي ابنتي تبلغ من العام 3 سنوات لسعتها عقرب وبحثت عن من ينقذها وهي تموت بين يدي ، ووجدت استعلامات الطوارئ ليس فيه أحد ، ولا مكتب الطبيب ، والممرضات غير موجودات ، وحاولت الاتصال بالطبيب السوداني  الذي أعطاني أحد الغفراء  هاتفه الخاص وأخبرته بخطورة الحالة إلا أنه ، أجابني (( لا يستطيع الحضور الآن)) وبعد دقائق وقفت منهارا وابنتي تلفظ أنفاسها الأخيرة ، ولم يسعفني أحد وفي الصباح دفنتها وشكواي إلى الله”.

قسم الأطفال يئن والأطباء في عيادات خاصة

 كما أفادت الممرضة بقسم الأطفال – عائشة لانة بوغا ” بأنه هناك نقص في طاقم التمريض بالقسم ، ونقص في الأدوية ، وعدم التزام بالمواعيد في العمل ، كل ممرضة تحضر على مزاجها ،  وغياب الطاقم الطبي عن القسم ، وإهمال الأطباء بتواطؤ من الإدارة ، حيث لا يتم مساءلة الأطباء عن الإهمال  ، وعدم التزام الأطباء كذلك بالحضور في حالة تواجد الحالة الحرجة ، وقد يتوفى مريض نتيجة الإهمال المزري في المستشفى ، وانتقال بعض الحالات الى بيوتها بعد فقد الامل في تقديم العلاج المناسب في المستشفى.

وتضيف ايمان ودان عبدالسلام ، ممرضة بنفس القسم : خريجة بالمعهد العالي علوم طبية  ” عملت بقسم الطوارئ حوالى سبعة أشهر ، تدريب مع العمل ، لاحظت من خلال عملي نقص في المعدات الطبية ، والاطقم الطبية ، واطقم المساعدة ، مما يجعل المستشفى ، مبنى مفرغ من محتواه الجوهري ، وهناك فساد اداري يتغلغل داخل الكادر الإداري بالمستشفى ، وأنا الآن لم أقم بتوقيع عقد مع الإدارة ذلك لعدم امتلاكي لشخص أو قريب يقوم “بالتوسط” لي فالإدارة هنا والعمل يحتاج إلى معارف وواسطة ، ولا تنظر الإدارة الى الجانب الإنساني للمستشفى واحتياجاته ، وضروريات المرضى ، وأنه لابد من توفر طاقم طبي متكامل ، وآخر مساعد ، ومعدات.

وتضيف ممرضة ، بقسم الأطفال ، امتنعت عن ذكر اسمها ” المستشفى صفحة من الإهمال ، دون معدات ولا أطقم طبية أو عناصر تمريض ، والإدارة مساهمة في هذا الإهمال او الفساد ، لأن رئيسة قسم  من اقسام المستشفى تكتب تقرير إلى الإدارة بشأن عدم التزام إحدى الممرضات ، أو أحد الأطباء ، والإدارة تمتنع عن اتخاذ الاجراء ضد الأطباء او الممرضين غيرالملتزمين ، وهذا اصبح حافزا لبعض العناصر الطبية ، وشجعهم على مخالفة اللوائح واهمال مرضاهم ، وتجد ذلك الطبيب غيرالملتزم والذي يغيب بثلاثة أشهر أو أربع ، راتبه الشهري يصب في حسابه دون حسيب او رقيب ، وهذا سبب انحدار مستوى الخدمات في المستشفى الى الحضيض ، حالة تنزف ولا مستجيب ، طبيب اجنبي تستجلبه الدولة ، ويقوم القسم باستدعائه ولا يحضر ، لا يعقل ، الحقيقة وجميع الأطباء يعملون في عيادات خاصة ، ويتركون عملهم الأساسي في المستشفى ، حالات نزيف في الولادة ، وحالات نزيف في جراحة  العمليات ، ونقص (اصطاف) في المستشفى بقسم الحواضن، والمؤهلات للعمل في هذا القسم تحديدا ،  والحاضن للأطفال من المفترض ان يكون من غرفتين للحالات الملتهبة ، والحالات الجديدة ، بالمختصر مستشفى اوباري يعاني.

وهمس المواطن – صالح يحي – (لفسانيا )  قائلا ” قاموا في قسم الولادة بجلب ممرضات من دولة (كوريا) ليست عليهن علامات العلم او التعليم ، وادخلت زوجتي الحامل الى داخل قسم الولادة ، واسترقت النظر مدركا عدم كفاءتهن في هذا المجال ، ورأيتهن يسحبن ابني احمد من على رقبته ، وجلست احداهن على بطن زوجتي مما اضطرني للتدخل ووقف العملية ، والشكوى الى الإدارة ، الا ان الإدارة لم تقم بأي ردة فعل تجاه هذا الأمر ، ويموت الأطفال هنا يوميا بسبب هذه الممرضات غير المتمرسات ، ونناشد الجهات المعنية بإيقاف هذه المهزلة ووضع حد لهذا الإهمال الذي بلغ حد لا يتحمله المواطن الحقيقة.

غياب الأمن بالمستشفى

وأضافت الممرضة ، أماني عبدالرحمن ، مسؤولة بقسم والولادة  ” ان المشكلة التي يعاني منها القسم ، بعد اهمال المسؤولين والإدارة له ، هي الامن ،واقتحام الزوار ، للقسم دون احترام الممرضات والعناصر النسائية المتواجدة به ، وترى اماني الخلل لا يكمن في الإدارة فقط ، بل في الموظفين والأطباء جميعا ، الإدارة دورها تنظيمي ، وتقوم به بينما الموظفون لايلتزمونبأعمالهم ، وكذلك كيفية توزيع الادوية ، وعند تواجد حالة ولادة طارئة لايمكن إدخالها في باب خاص ، بل تدخل من الباب الرئيسي لقسم الطوارئ ،وعدم توفر طبيبات ولادة من العنصر النسائي.

ورأت أماني بأن انعدام  الانضباط والمساءلة القانونية  هو سبب هذا الإهمال ، وعلى الإدارة حسم هذه المسألة وحلها بشكل جذري ، ودفع مستحقات عناصر التمريض المناضلة حقيقة ، والتي قدمت مجهود عالطيلة الثلاث سنوات الماضية ، وتشجيعهم على الاستمرار في هذه العمل الإنساني ، ورغم ظروفهن المادية لا زلن يقدمن في جميع الأقسام ولهن التحية والتقدير.

بعد شهرين المختبر في خبر كان!

وقال وسيم زيدان صديق – رئيس مختبر المستشفى – ” ان الاكتظاظ الذي صار للسكان في الاحداث ، واللاجئين من مدن الشرق ، والغرب ، أدياإلى مضاعفة عمل المختبر ، وزيادة الأوبئة ، وضمن الأسباب الإهمال الذي تمارسه الإدارة من خلال عدم تزويدها للمختبر بالمعدات اللازمة ، والمحاليل الطبية ، ويعمل المختبر بمجهود 30% من طاقته الفعلية ، وذلك بالنقص الحاد في المحاليل ، ومصدرها الإمداد الطبي في الجنوب بسبها ، وهذه الأزمة تعصف بقسم الإمداد أيضا ، ومشكلة السيولة التي من شهر 12 ، وأتوقع بأنه بعد شهرين من الآن سيتم إغلاق المختبر وذلك بسبب عدم توفر المحاليل ،  من شهر يناير الماضي المختبر يأخذ في جرد محاليل من الإمداد الطبي ، والمختبر ، وتقصير المسؤولين ، في الالتزام بدفع مستحقات العاملين في المختبر.

وأضاف المهندس عبدالكبير عبدالله- فني بقسم المختبر ” نحن الآن موقعون عقودا مع الإدارة ، والإدارة لم تلتزم بدفع مستحقات ، العاملين في المستشفى ، وهذا أدى إلى عدم جدية العاملين في العمل ، رغم حرصهم عليه ، إلا أن ظروفه تستعصي على مواصلتهم للعمل”

ناقوس الخطر

د.قلمي رمضان سيدي – مدير إدارة صيدلة مستشفى اوباري يضيف “رصيد الصيدلية من الأدوية شبه منته ، وخصوصا(الاينتيدي)  وهي (حقن الفصيلة)  وهي عبارة عن حقن تعطي في حالة أن الأم ، وطفلها فصيلتهما مختلفة ، تعطى لهم هذه الحقنة ، وتعني عدم الرفض ، وعندما سألنا قسم الإمداد ، قالوا (بأن الحقنة لا توجد في ليبيا ) وأضاف قلمي بأن الصيدلية تعاني أيضا من نقص (فانزلين قوس) مكثنا تقريبا شهرين نطالب تزويدنا به ، ولم نحصل عليه ، ولكي نقوم بشراء هذه المتطلبات من الخارج الميزانية لم تتوفر بعد ، وتعلمون ان ميزانية 2014 لم تعتمد بعد.

وأضاف ” بأنه لايمكن التعامل مع حالات الحروق دون توفر تلك الأدوية المهمة جدا ، هناك نقص عام ، ونقص خاص ، اما قطاع الصيدلة الحمد لله ، الأمور على مايرام ، ونقوم بواجبنا قدر المستطاع ، ومشكلتنا الرئيسية هي في نقص الادوية الضرورية ، ولوتعرضنا لأزمة أو وباء معين لا قدر الله لايمكننا التغلب عليه ، والتحويل الى سبها لايجدي نفعاً ”

وناشد قلمي الجهات المعنية بتوفير احتياجات المستشفى ، واسترسل في حديثه ” نعاني من نقص حاد في أطباء العظام ، فلو وجد لدينا كسر مفتوح لا يمكن لأي طبيب التعامل معه ، اذ لا يوجد معدات تركيب بلاتين داخلي ، او بلاتين خارجي ، ونناشد الصحة بتوفير هذه الاطقم ، وقد نضطر في بعض الأحيان الى تحويل الحالات الحرجة الى الجزائر لمعالجتها”

ويضيف فرد أمن بالمستشفى – احمد السوقي ” نعاني من نقص واهمال من الجهات الأمنية التابعين لها ، وأمرونا بالعمل في المستشفى دون أي دعم يذكر ، وليس هناك رد اعتبار لأي عسكري بهذا المستشفى ، أربع سنوات ولم يسأل أحد عن الحراسات ورجال الامن في المستشفى ، طاقتي استنزفت وجميع أفراد الأمن ،  ولدينا نقص في المعدات العسكرية ، من ملابس عسكرية ، ومركبات ، ونتكون هنا من ثلاث كتائب تينيري ، وثوار الجنوب ، وكتيبة 24 ، كيف نحمي المستشفى ولا يوجد بأيدينا أي إمكانيات تذكر ، والمستشفى وإدارته يحملوننا جميع الخروقات الأمنية ، ونحن نحتج لأن الجهات المشرفة علينا لم تدعمنا بما فيه الكفاية ، ووجهنا النداء أكثر من مرة للجهات المسؤولة والمنطقة العسكرية ولكن دون جدوى”.

طور التجهيز

ويقول عيسى عبدالسلام فرج ، مدير إدارة التمريض بالمستشفى ” شغلنا هذا المنصب حديثا ، ولا نزال في الترتيبات اللازمة  في حصر طاقم التمريض ، وقمت بطلب احصائيات بالممرضين والممرضات من رؤساء الأقسام ، والقوى العمومية في كل قسم ، وعلي ضوئها نبدأ في الترتيبات اللازمة لسد النقص في الاطقم ، والعدد قد يكون موجود ، والطابع الاجتماعي الصراحة أقولها بكل ثقة ، تغلب على الروتين وقوانين الانضباط ، لأنه قد تجد ممرضة لديها 7 أولاد ، لا تستطيع الالتزام بمواعيد صارمة ، ونحن في السعي الى زيادة عناصر شابة في التمريض ، منها دماء جديدة ، ومعلومات جديدة برؤية جديدة.

نذكر بأن مدير مستشفى اوباري يقيم في طرابلس ، وطاقم الإدارة تحفظوا على الإدلاء بإفاداتهم للصحافة ، سوى مدير الخدمات الصحية ، وهكذا يظل مستشفى أوباري العام في كف عفريت ، جميع الأقسام دقت ناقوس الخطر ، الممرضون يئنون ، والأطباء غائبون  تائهون في القطاع الخاص بعيدا عن آهات المواطنين ، ومختبر المستشفى تحت خطر الإغلاق بعد شهرين ، بسبب نقص المحاليل ، بعد مناشدة الإدارة التي تقدم الوعود دون استجابة ، ويبقى أمل المواطن في الجنوب في دعم هذا المرفق الصحي الكبير ، وتزويده بالإمكانيات والمعدات اللازمة لتشغيل جميع الأقسام ، وتزويده بكوادر بشرية متدربة ، تواكب العصر ، وتخفف من معاناة المواطن في الجنوب.

تحقيق وعدسة : عبد الحميد الأنصاري

 

 

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :