حاورها : سالم الحريك
وسط السودان في قرية صغيرة كبرت بتصاهر مجتمعاتها المتزايدة حيث المشاريع المروية التي جذبت عمار الأرض يهبّون نحوها لأجل العيش الكريم تمازجت ثقافتهم بكل إثنياتهم ليشكلوا سودانا مصغرا و صنعوا جيلا لا يعرف سوى أرض الجزيرة المعطاءة و مارس البعض منهم تقاليدهم و انخرط الشرقيون مع الجنونيين و الغربيين مع الشماليين أول خطوة لها كانت بين الجداول و ترعرعت في ظلال أشجار السيسبان و نهلت و تشبعت من إرث الأرض و ثقافة الإنسان حيث ما حط يصنع حضارة عظيمة تنقلت في مراحلها الدراسية و ذهبت إلى المدن حيث التعليم العالي و تخرجت من جامعة أم درمان الإسلامية و تعرفت على الكتب هناك و رأت شيئًا يشبه السحر عندما عادت إلى قريتها التي عشقتها و قادها القلم المنحوت من القطن فكتبت “خلوه صالح” التي رأت فيها قريتها و زعيم القبيلة المتقلب الأطوار.
حوارنا مع الروائية السودانية الشابة نسيبة شرف الدين. بداية من هي نسيبة شرف الدين؟ وكيف تقدمين نفسك للقارىء الليبي والعربي ؟
نسيبة لسان المرأة التي تكتب في لا قراءة فيه أتحدث بالإنابة عنهن و أعبر عن حوائجهن في المجتمع الزراعي البسيط. صرخه الميلاد كانت عام 1993 وسط البلاد أكملت مراحلي الدراسية هناك و التحقت للدراسة بجامعة أم درمان الإسلامية و تخرجت من كلية الٱداب قسم اللغة الإنجليزية و صدرت أولى مؤلفاتي مطبوعة و كانت عبارة عن قصة قصيرة تحاكي الثورة السودانية بعنوان دم الشهيد 2019 و رواية خلوه صالح 2021.
بداياتك مع عالم الحرف والكلمة كيف كانت؟ وماهي أولى تجاربك مع عالم القراءة؟ بداياتي مع القراءة كانت مع مكتبة أبي الصغيرة وكانت تحوي العديد من كتب البلاغة و الحكم الموجهة بعناية في الأدب الإسلامي كنت فقط أستمتع بالتعبير الإنشائي دائماً بينما كنت أفتقد الفلسفة و توجهت بعد ذلك إلى الكتب المسموعة قبل دخولي الجامعة. أقصد بالأدب الإسلامي هنا الخطب و ما يقال عن الإمام الشافعي و غيره، أبرز ما قرأت كتاب نزهة المجالس حينها وكنت صغيرة.
ماهو دور الأسرة في تكوين شخصيتك الأدبية منذ الطفولة ومع مرور السنوات؟
لأبي دور أساسي في ذلك عندما كنت أكتب تعبيرا إنشائيا كنت أعرضه عليه و كنت أكتب له خطابات عمله ثقه في النفس كان يراني أكبر من سني
. حدثينا عن تجربتك الأولى في الكتابة، و متى اكتشفتِ هذه الموهبة؟ وكيف اختارت فيما بعد نسيبة شرف الدين طريقها في عالم الأدب وأعني هنا ماهي اللحظة التي وجدتِ أنك تمتلكين ما يكفي من النضج لاختيار طريقك في هذا العالم بمفردك؟
أول تجربة لي كانت رواية كنت أنشرها على حسابي على “فيسبوك” بعنوان مرار البن كنت أسردها في شكل حلقات 36 حلقة تقريبا.
وحينها لم أهتم بشكل اللغة أو الكتابة على الورق كنت أكتب مباشرة وما حدث لم يكن متوقعا كان التفاعل غير عادي أدهشني الجمهور المتابع حقا و طلب مني الأصدقاء التوقف عن النشر و لكنني أتممت تلك الرواية التي كانت تقص معاناة النساء اللواتي يعملن بتجارة القهوة و الشاي في المصانع القريبة من المدن و كيف يتعرضن للإهانة من قبل العمال
. أما ما يخص اختيار الطريق فعشقي للتفاصيل هو من قادني لأكتب رواية دم الشهيد عندما ثار الشارع و سال الدم كان قلمي يكتب ويبدأ بالنضوج رغم ذلك أفتقد شيئا ما وكانت الخبرة التي اكتسبتها عندما كتبت خلوة صالح للمرة الثانية المرة الأولى كانت قبل الثورة السودانية.
بدايتك الأولى كانت عبارة عن قصة بعنوان دم الشهيد هل نستطيع القول إن نسيبة لديها اهتمام بالغ بالأدب السياسي أم الواقع فرض عليها ذلك؟
في الحقيقة نعم الأدب و السياسة لا ينفصلان عن بعض هذا رأيي و لدي رواية أخرى تحاكي الحرب في دارفور أيضاً نوعاً ما اجتماعية سياسية و لكن الواقع فرض علي ذلك.
ماذا عن روايتك الأخيرة “من وحي خلوة صالح” وماذا تمثل الرواية بالنسبة لك؟ تمثلني أنا نسيبة شرف الدين خلوة صالح هي خيالية لا صله لها بالواقع نعم و لكن كنت أجد نفسي في تلك الأحداث رغم تجردي منها.
وعن صفة التسامح تلك الموجودة في شخصية صالح تشبه تلك التي كنت أنتقدها في أبي و أصفها بالجبن تماماً رغم أنني لم أستطع وصف مجتمع صالح حتى الآن دائما أرى أني بحاجة للغة أكثر إيضاحا لأروي تفاصيلها لم أبذل كثيرا من الجهد تعايشت مع أشخاصها كأني أراهم الٱن قوم صالح كانوا بسطاء فاقدين حتى مطالبة السلطات بحقوقهم
لكل كاتب قضية ما، تشكل أغلب تفكيره وتحظى بالنصيب الأكبر من كتاباته فما هي القضية الأبرز لدى نسيبة شرف الدين؟
العنصرية في بلادي تأخذ حيزا كبيراً في تفكيري فقط حتى أتفق مع الكتاب الذين دائما ما يشحون كتاباتهم عنها و يذكرون المجتمع بها.
و أنا أتحاشى كليا ذكرها بين السطور دائما ما أكتب الشعور الوطني الموحد إنما قضايا المرأة فهو شعور مشترك عند كل من يدرك حقيقة المعاناة في مجتمعاتنا الأفريقية بشكل عام.
كيف كانت تجربتك مع دار النشر؟ وهل لاقت روايتك انتشارا جيدا ؟ وهل لك أعمال قادمة تشتغلين على إنجازها الٱن؟
دم الشهيد لاقت انتشارًا غير متوقع و لكنني لم أهتم لأمرها كثيرا في الحقيقة كنت أرى فيها صفة التسرع أو ربما أريد إكمال فصولها طالما الثورة لازالت حية في قلوبنا و سأكمل فصولها.
ونعم لدي روايتان أعمل عليهما الآن أكملت واحدة و الثانية لم تكتمل فصولها بعد. إضافة أخيرة في نهاية هذا الحوار الشعور بالانتماء و عدم الانحياز إلى طائفة معينة حتى ننال ما نصبو إليه.