عمر علي ابوسعدة :: ناشط ومهتم بالشأن الجنوبي
لأهل فزان طرفة شعبية واجتماعية تنطق لفظاً ( طار غلقها ) مفردة جمعت بين حس الفكاهة والسخرية البريئة ، رمزت لمزيج من القبائل الليبية العربية العائدة من مهجر غرب وشرق افريقيا لموطنهم الاصل بجذورهم البدوية التي هاجروا بها ، ودئبوا على نمط عيشها وعادوا إلى ديارهم بدواً قحاً كما رحلوا –بثقافة البدوي المنفتحة على الدين الحنيف والعرف الحميد المتجذر في قيم الشجاعة والكرم والفداء ومكارم الاخلاق والاعتزاز بالنفس والقدرة على شطف العيش والصبر الجميل ، ارث من أنبل قيم الحضارة الانسانية راسخاً منذ الازل ، انجب افضل خلق الله اجمعين رسولنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .المقدمة لم أقصد منها التمييز الايجابي أو السلبي لأحد عن آخر –إنما للمقاربة بين التاريخ والواقع ولتنقية ذاكرة التاريخ المحلية والوطنية لمعرفة اسباب هجرة هذا الخليط القبلي ولفهم جذوره وثقافته كمكون مهم ومؤثر في النسيج الاجتماعي لفزان ، فوثائق التاريخ المؤكد تفصح أن هذا الخليط القبلي البدوي في القرن الثامن عشر سيطر وأمن طريق التجارة الرابط بين الغرب الليبي وفزان وحتى ( كانم ) بغرب افريقيا ، وأن أهم أسباب هجرتهم من ليبيا دخولهم في سلسلة من الحروب منذ العام 1826م ضد الأسرة القرملية الحاكمة لطرابلس المركز لعدم اذعانهم لحكمهم بسبب فرض الضرائب والجزية عليهم وقد امتدت سلسلة حروبهم ضد الاستعمار العثماني حتى استشهاد زعيمهم وقائدهم( عبدالجليل سيف النصر ) في العام1842على يد الحكم العثماني وتواصلت سلسلة حروبهم مناهضة للاستعمار الايطالي والفرنسي حتى نهايات الحرب العالمية الثانية والتي امتدت حتى داخل العمق الافريقي والمُعرفة بوثائق الاستخبارات الفرنسية بالحرب الليبية المنسية .ان هذه السردية التاريخية المختصرة عن هذا الخليط القبلي البدوي الليبي هي دعوة للاهتمام اكثر بالتنوع الثقافي والعرقي واللغوي بفزان والذي إذا احسنت إدارته بالوسائل المعرفية المعاصرة قطعاً سيكون مصدر للسلام والاستقرار والالهام وقوة للنسيج الاجتماعي المحلي والوطني.