المباني الخضراء،،استدامة ناجعة لحلول قابلة للتطبيق والحد من التلوث البيئي

المباني الخضراء،،استدامة ناجعة لحلول قابلة للتطبيق والحد من التلوث البيئي

  • احمد محمد عبدالله بازاما-جالو

إن ما شهده العالم من تغيرات مناخية خلال الأونة الاخيرة والتي ساهم بها الإنسان بصورة مباشرة وغير مباشرة مما ادى إلى اختلال في التوازن للنظام البيئي وما صاحبه من اثاراً جسيمة على صحة الإنسان والحيوان والنباتات وما نجم عنه من تدهور واضح للمنظومة البيئة بشكل عام. فكانت الضرورة ملحة لإيجاد البدائل الناجعة للتخفيف من أثار الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري والمحافظة على النظام البيئي من التلوث. تعددت المحاولات المصاحبة للأفكار البناءة والتي كانت من ضمنها البناء المستدام أو ما تعرف المباني الخضراء والتي كانت بدايتها في الولايات المتحدة الامريكية. حيث يرى المهتمين والمختصين بهذا الجانب إن إنشاء تلك المباني جاءت كردة فعل طبيعي على الاستخدام الجائر للموارد الطبيعية والضغط الكبير على البيئة والتأثيرات السلبية الناجمة عن الأبنية وموادها وطرق استخدامها والهدر أثناء التنفيذ، ما أدى إلى ظهور مفهوم المباني الخضراء التي تعرف على انها تلبية احتياجات الأجيال الحالية من دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. ” البيئة العربية مثالاً جيداً للتطبيقات المباني الخضراء” أوضح الناشط البيئي/ احمد إبراهيم عبدالمولى إن معظم دول العالم اتجهت لتبني مفاهيم المباني الخضراء وكذلك على مستوى الافراد من اشخاص ومستثمرين وازداد اهتمامهم بشكل ملحوظ بالمنازل المستدامة، مع أخذ في الاعتبار ان المعايير الخضراء تختلف من منطقة إلى آخري في العالم حسب المناخ، وإن البيئة العربية مثالاً جيداً للتطبيقات المباني الخضراء فمن المفيد الاستفادة واستخلاص الدروس من المباني الأثرية والتي قدمت على مدى قرون مسكن صحي صالح اعتمد على التهوية والإضاءة الطبيعيتين والفناء الداخلي المفتوح واستخدام الطين كمواد بناء وعوازل مهم جدا في العصر الحالي للعيش المستدام، حيث إن استخدام الموارد المحلية يقلل من استهلاك الوقود المستخدم في استيراد المواد من الخارج، الأمر الذي يقلل بطريقة غير مباشرة من تأثيرات البصمة البيئية للمباني. مشيراً إن الهدف من المباني الخضراء هو الحد من الآثار البيئية على صحة الإنسان والبيئة الطبيعية بجانب الاستخدام بكفاءة عالية للطاقة والمياه وغيرها من الموارد وحماية صحة الركاب وتحسين انتاجية الموظفين والحد من النفايات التلوث والتدهور البيئي. ” إنها تقدم نمطا حياة مستداماً يتناسب مع التقنيات الخضراء المستخدمة في المباني، وهذا كله يعتمد على العنصر البشري بوعيه لأهمية الحفاظ على البيئة.” أكدت المهندسة/ فاطمة عبدالله عيسى إن التصميم المتكامل هو أول خطوات المبنى الاخضر من خلال مشاركة المعماري في التصميم منذ مراحله الأولى، يساعد في الاستغناء عن الوسائل الميكانيكية الاتي تصحح أخطاء التصميم، ويقلل من زيادة كلفة البناء التي ترتفع مع الزمن، وأن مراعاة ظروف البيئة المحلية، واستخدام الموارد المتاحة فيها يقللان من التأثيرات السلبية عليها ويساهم في زيادة التحكم بالطاقة المهدورة في المباني. فالبناء المستدام “المباني الخضراء” هو ذاك المبنى الذي يراعي الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء والتصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة والاعتبارات الرئيسية التي تراعى هي تصميم الفراغات وكفاءة الطاقة والمياه وكفاءة استخدام الموارد وجودة البيئة الداخلية للمبنى، وأثر المبنى ككل على البيئة وهذا يتطلب تعاوناً وثيقاً من فريق متعدد التخصصات من المتخصصين في البناء بالعمل معاً منذ مرحلة ما قبل التصميم إلى مرحلة ما بعد السكن لتحسين خواص الاستدامة البيئية للمبنى وتحسين الاداء وتوفير في التكاليف. ” التشديد على حماية التوازن البيئي،،والكفاءة للاستخدام الأمثل للطاقة والمياه والموارد الطبيعية من ابرز سمات البناء المستدام” وعن مميزات وعيوب المباني الخضراء يشير الباحث البيئي محمد عبدالسلام يونس تُعد المباني الخضراء أو ما تعرف بالبناء المستدام مثالاَ نموذجياَ للمحافظة على النظام البيئي، حيث انها تتميز بالعديد من المميزات والتي من ضمنها جودة هواء أفضل، اضاءة طبيعية وفيرة، مكافحة الضوضاء ..مما يجعلها مكان أفضل للعمل أو المعيشة. ومن سماتها التشديد على حماية التوازن البيئي الموجود وتحسين البيئات التي قد تكون قد تضررت في الماضي، وفي العادة ما تشيد المباني الخضراء في الاراضي الحساسة بيئياً، مع أخذ التدابير الازمة لاستعادة الحياة النباتية ومن خلالها يتم ترشيد للمواد وكذلك إعادة تدوير المياه. ومن ناحية التكلفة “فتكاليفها هي نفسها نفس تكاليف المباني العادية واحياناً تكلفة أكثر قليلاً لأنها تحتاج لمواد خاصة لبنائها وان عملية الصيانة والتجديد لا تتطلب دائماً لصرف الأموال مقارنة بالبناء العادي وهذا لا يعني بأن المباني الخضراء لن تحتاج لصيانة أو تجديد ولكن بما أن تلكم المباني تم بناؤها من الموارد الطبيعية فجميع تلك الأعمال التجميلية أو التشغيلية للمبنى ستأخذ وقت أكثر حتى يستدعي الأمر القيام بها ولذلك فإن الاستثمار فيها هو 10 مرات أكثراً ريحاً من تلك المباني العادية”. ومن حيث الكفاءة لاستخدام المياه فالمباني الخضراء لا تعرف معنى كلمة إضاعة شيء ولذلك تقوم تلك المباني بإعادة تدوير مياه الامطار والمياه الرمادية والصرف الصحي واستخدمها في تنظيف المراحيض والسقاية والشرب بعد معالجتها. أما من ناحية كفاءة استخدام الطاقة فهي توفر الطاقة أكثر من تلك التي بنيت من الطوب وإنها تعتمد فقط على كل موارد الطاقة مثل الطاقة الشمسية والمائية والرياح المتجددة والتي تستخدم للحرارة الكهرباء وكل من شأنه تحسين نوعية الهواء في الاماكن المغلقة ويتم ذلك من خلال الاختيار الدقيق للنوافذ والعزل جيد للحفاظ على درجة حرارة الهواء، عزل مواسير التكييف، والوضع الصحيح لعوازل البخار والهواء، واستخدام الطاقة النظيفة في التدفئة والتبريد، مما يجعل المبنى كفء في استخدام الطاقة، استعمال الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والشمسية أو الطاقة الحيوية وذلك لتلبية الاحتياجات من الطاقة تقلل إلى حد كبير من البصمة الكربونية لهذه المباني. كما تركز المباني الخضراء على تقليل الامراض التنفسية والحساسية عن طريق تحسين الهواء داخل المنازل عن طريق التحكم في مصادر التلوث وتقليلها والقضاء عليها من خلال التنقية والترشيح،بجانب التحكم الكافي في كمية الضوضاء والسماح للإضاءة الطبيعية للنفاذ داخل المبنى. ومن حيث كفاءة الموارد المستخدمة يتم بناء المباني الخضراء من مواد طبيعية وغير سامة والمعاد تدويرها التي لا تكلف كثيراً مثل الخيزران القش والمعادن المعاد تدويرها أو الخرسانة الصديقة للبيئة. فهذه المباني تتميز بكفاءتها المطلقة لاستخدام الطاقة إمدادات المياه وذلك يساعد في مد قدرات البنية التحتية وإطالة عمرها،ونظرا لان تلك المباني يتم بناؤها وتشغيلها من المواد الطبيعية فهي بذلك تعتبر استثمار مربح للغاية إذ أن وحدات تلك المباني تباع بأسعار عالية مما يجعل من تلك المباني استثمار غاية غفي الربحية بعوائد مجزية. فالمباني الخضراء ليست تقدم فقط استدامة إنشائية وبيئية ولكن ايضا تقدم الكثير من المنافع والفوائد لمالكي المباني ومستخدميها، فتكاليف البناء والتشغيل منخفضة والراحة متوفرة والبيئة الداخلية الافضل صحياً، بالإضافة لتكاليف صيانة أقل وعمر افتراضي أطول، كل هذا يعد من خصائص المبنى الأخضر. إما من ناحية عيوبها: فالمباني تعتمد على الشمس للحصول على الطاقة فإنها بالتالي تحتاج لموقع متميز تسهل لأشعة الشمس الوصول إليه وذلك قد يتطلب في بعض الاحيان وضعها في جهة مقابلة للمنازل، بجانب المواد اللازمة لبناء هذا المبنى ففي بعض الاحيان يصبح من الصعب الحصول عليها وخاصة في المناطق المدنية حيث الحفاظ على البيئة ليس هو الخيار الأول لقاطنيها. كما ان انعدام توافر نظم تبريد الهواء لهذه المباني التي تعمل على حرارة توليد الطاقة، وبالتالي فهي ليست مصممة للمناطق الساخنة لأنها لا تمتلك أي انظمة لتبريد الهواء، لذلك سوف تكون الحاجة لمكيفات الهواء الامر الذي سيجعل هذه المباني لا تمت بصلة لمفهوم “الصديق للبيئة”. تظل ماهية المباني الخضراء “البناء المستدام” وتطبيقها أحدى الحلول الناجعة في الوقت الراهن وماتتطلبه الحاجة والضرورة الملحة للمساهمة في التغير المناخي إن وجدت البيئة المشجعة والإرادة الصادقة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :